Tuesday, May 27, 2014

الدولة اليهودية... وديمقراطية الاحتلال | نافذة لبنان

الدولة اليهودية... وديمقراطية الاحتلال | نافذة لبنان

محمد عبد الدايم – باحث وأكاديمي مصري


مقالي على موقع نافذة لبنان

في عام 1971 تم تدشين حركة “كاخ” اليمينة العنصرية على يد الحاخام المتطرف “مئير كهناه” الذي قدم إلى إسرائيل في نفس العام، وكلمة “كاخ” اختصار لـ”كهناه إلى الكنيست” ، ورفعت شعار “فقط هكذا”، واستهدفت إعلان إسرائيل دولة شريعة يهودية، وطرد الفلسطينيين من كامل أرضهم، ورفض حقوقهم المدنية والتاريخية، وبعد شد وجذب مع المجتمع ولجنة الانتخابات المركزية طيلة 13 عاما، فازت الحركة بمقعد واحد في الكنيست عام 1984 تقلده زعيم الحركة “كهناه”، ثم في عام 1988أعلنت لجنة الانتخابات المركزية في إسرائيل شطب الحركة مجددا من قائمة الأحزاب لأن برنامجها عنصري، وبعد مذبحة الحرم لإبراهيمي بالخليل على يد أفراد الحركة، أعلنتها إسرائيل تنظيما إرهابيا، وقبلها عام 1990 اغتيل “مئير كهناه” في نيويورك.
مئير كهنا وشعار حركته
مئير كهنا وشعار حركته
هذه المقدمة للإشارة إلى أن إسرائيل تحاول أن تنفض عن نفسها تهمة العنصرية، وأنها كما تعلن “دولة لكل مواطنيها”، لكن الواقع والتاريخ يؤكدان أنها دولة عنصرية في المقام الأول، تحتل أرضا، وتطرد أهلها، وترفض عودتهم، وتجبر من بقي فيها على التسليم بأنها “دولة يهودية وديمقراطية”، وإلا مصيرهم الطرد كغيرهم، والحقيقة أنها دولة احتلال ترفع قيم أبعد ما تكون عن المواطنة وحقوق الإنسان. ليس “كهناه” وحده هو العنصري المتطرف، بل كل قادة إسرائيل كذلك، فقد عبّر “كهناه” بشكل جلي عن التناقض بين اليهودية كدين والديمقراطية كفكر سياسي باعتباره إن إسرائيل لا يمكن أن تكون إلا دولة شريعة يهودية، ومن يرفض ذلك فلا مكان له فيها.
لم يكن الضغط الإسرائيلي على مسألة يهودية الدولة في جولة المفاوضات الحالية مع فلسطين أمرا جديدا، أو مفاجئا، فهذه المسألة إحدى أهم ركائز الخطط الصهيونية منذ تبلورت في المؤتمر الصهيوني الأول بسويسرا عام 1897، وبعد قيام إسرائيل وُضعت “يهودية الدولة” كأساس للمواطنة في فلسطين المحتلة، فقد ورد التأكيد على يهودية الدولة ضمن وثيقة إعلان قيام إسرائيل، التي صدرت عام 1948م، وفيها:
“فقد اجتمعنا، نحن أعضاء مجلس الشعب، ممثلو السكان اليهود في البلاد، وممثلو الحركة الصهيونية في يوم انتهاء الانتداب البريطاني على أرض إسرائيل، وبحكم حقنا الطبيعي والتاريخي بمقتضى قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، نعلن عن إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل هي دولة إسرائيل”.
وطيلة عقود، تقلد في معظمها اليمين المتشدد في إسرائيل مقاليد الحكم، ومن ثم المفاوضات مع فلسطين والعرب، تكرر حديث قادة إسرائيل عن ضرورة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وهذا الاعتراف بيهودية الدولة يعني بوضوح ضياع حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والتخلص من المواطنين الفلسطينيين في الداخل (عرب 48) ، في تناقض واضح لما تعلنه إسرائيل من أنها “دولة لكل مواطنيها”.
كما أن إسرائيل تهدف من وراء ترويجها لمسألة يهودية الدولة إلى جذب المزيد من اليهود في العالم إليها، والأبعد من ذلك أنها تهدف لإضفاء هالة من الشرعية على هدف صهيوني قديم، وبالتالي ترسخ لما تدعيه من شرعية تاريخية على أرض فلسطين، تواجه بها أي مسعى إيجابي يثمر جديدا في عملية السلام.
دولة يهودية
المثير في تمسك إسرائيل بمسمى “دولة يهودية” هو إرفاقه بالديمقراطية، لتعلن عن نفسها “دولة يهودية وديمقراطية”، وهو مسمى متناقض تمامًا مع بعضه، فكيف تكون دولة ما ديمقراطية وهي تجبر كل من يعيشون فيها على اعتناق فكر ديني واحد شريطة منحهم حقوق المواطنة، والأدهى من ذلك أنها تحتل أرضا وتسعى لإجبار أهلها على اعتناق فكرها ودينها الأحادي وإلا يكون مصيرهم الطرد من أرضهم التي وُلِدوا فيها وعاشوا عليها.
تعتبر إسرائيل إذن حالة استثنائية اعتمدت فيها الصهيونية كحركة استعمارية علمانية على الدين كحجة تاريخية لتبرير احتلال الأرض وطرد السكان ورفض عودة اللاجئين والتوسع في الاستيطان والسيطرة على القدس، وأقرب مثيل استعماري في التاريخ لهذه الحالة هو سلسلة الحروب الصليبية على الدولة الإسلامية، والتي رفع قادتها شعارات دينية لتزييف الحقائق واستعمار الأرض وطرد أهلها.
هذا الخلط الفاضح بين الدين والسياسة هو حجر الأساس الذي تستند إليها إسرائيل في وجودها على أرض فلسطين، اعتمادا على تزييف الحقائق باعتبار أن ما تحتله من أراض عربية، وما تسعى لاحتلاله، إنما هو جزء من “دولة مستقلة ذات سيادة أقيمت كدولة يهودية على أرض إسرائيل بفعل الحق الطبيعي والتاريخي للشعب اليهودي في أن يعيش مستقلا في دولته ذات السيادة”، وهذا التوصيف حددته المحكمة العليا في إسرائيل، ومازال التأكيد عليه حتى الآن في كل قرارات المحكمة العليا ومعظم التشريعات المتعلقة بالجنسية والهوية وقوانين الانتخابات وحرية العمل وغيرها، إذن فالمواطنة في إسرائيل حق لليهود فقط، سواء أن كانوا على الأرض أو خارجها كما قال “بن جوريون” عام 1950:
“ليست هذه الدولة يهودية من ناحية كون اليهود غالبية سكانها، إنما هي دولة اليهود حيثما كانوا، وهي لكل يهودي يريدها”.

اليهوديات المتدينات.. "نساء طالبان" يشكلن مستقبل إسرائيل | دوت مصر

اليهوديات المتدينات.. "نساء طالبان" يشكلن مستقبل إسرائيل | دوت مصر

تقرير مشترك لي منشور على موقع دوت مصر:

ملحوظة: تم حذف اسمي من على التقرير بعد خلافي مع المحررة، وبذلك سُرقت مني فقرات ووُضعت في التقرير دون ذكر اسمي، لكن أظل مشاركا في التقرير رغم أنفهم، علاوة على أنني نشرت جزءا منه في بحث بعنوان حجاب المرأة في اليهودية بين التشريع والتطبيق قبل نشر هذا التقرير بأكثر من عام ونصف.

إسرائيليات يرتدين الحجاب، تل أبيب (أرشيف) (photo: )





كتب: عرفة البنداري ومحمد عبد الدايم
   على مدى عقود، حظيت مسألة الحجاب في العالمين العربي والإسلامي باهتمام وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الغربية، وعلى الرغم من الإسهاب الغربي في الحديث عن حجاب المرأة المسلمة، واعتباره في أحيان كثيرة "انتهاكاً" لإنسانية المرأة وتعبيراً عن التخلف الاجتماعي، إلا أنه قليل ما تم التطرّق إلى "حجاب" المرأة اليهودية في إسرائيل وفتاوى الحاخامات بصدده، والذي يكاد يصل حد التطابق مع ما يفرضه متشددوا طالبان على التابعين لهم.

   ربما يكون مرد عدم التطرق إلى تنامي هذه الظاهرة في إسرائيل، الخوف من الالتصاق بتهمة "معادة" السامية" الجاهزة دائما، لكن صدور رواية "امرأة طالبان" لمؤلفها المحامي الإسرائيلي، يائير نيهوراي، فتحت الباب الموصد تجاه المتدينين الإسرائليين، وفتاواهم، ونظرتهم للمرأة وضوابط تنشئة الطفل، وهو مجتمع يعد صورة مطابقة لنظرة "حركة طالبان" الأفغانية للحياة.

كشف المستور
أثارت رواية "امرأة طالبان" ضجة عالمية، ما عده الكاتب نفسه اهتماما عن "المسكوت عنه في إسرائيل "التي تعد بالنسبة لمحيطها العربي تحديدا، مجتمعا مثاليا متقدما في كل شيء أو ربما هذا ما تسوقه إسرائيل عن نفسها.

في مقابلته مع موقع "والا" الإسرائيلي، يقول نيهوراي، إن ولوجه إلى "عالم المتشددين اليهود ونسائهن المنقبات" يعود إلى القصة التي أثارت الرأي العام والمتثملة في اعتقال أم منتقبة كانت تعذب أبناءها الـ12، وكان أحدهم يعاني إعاقة عقلية، وزجها بالسجن عقابا على جرمها لمدة 4 أعوام.

للوهلة الأولى قد ينظر إلى عنف هذه المرأة، الذي حوله نيهوراي إلى رواية، بأنه "حالة استثنائية" لا يجب إسقاطها على المنتقبات الإسرائيليات، لكن التحقيقات التي أجراها الكاتب لاحقا، لفتت إلى أن معاملة الأطفال مستند إلى فتاوى دينية من شأنها أن تهدد صحتهم النفسية مستقبلا، خاصة الإناث منهم.

يقول نيهواري: "إن ما جذبني هو التطرف الموجود في قصة تلك المرأة، لقد حاولت التعرف على ماهية النفس البشرية التي يمكن أن تنشأ في هذه البيئة، تفاجأت باهتمام والوسط العربي بهذه الرواية، على الرغم من تأكيدي في المقدمة على أن هذه القصة يمكن أن تحدث في أي مكان بالعالم ومع أتباع أي لكن الاهتمام العربي جاء نتيجة أنها شاهدة من جانب لم يتوقعوه..من جانب عدوهم".

المرأة "عورة"

تلقي رواية "امرأة طالبان" الضوء على العوامل النفسية والاجتماعية التي تقف وراء تنامي عدد النسوة المتشددات والمنقبات في إسرائيل، واللاتي يصل تعدادهنّ اليوم إلى 10 آلاف محجبة ومنتقبة.
ومن أهم العوامل التي أسهمت في ظهور شخصية "امرأة طالبان"، هي الفتاوى الدينية الموجودة في التوراة وكتاب التعاليم والشروحات المقدسة "التلمود". وبحسب النصوص الشرعية فإن " شعر المرأة عورة "، وكل من تخرج كاشفة عن شعرها فكأنها بذلك تعدّت على "دين موسى".

إلى جانب ذلك، أفتى الحاخامات المتشددون بضرورة تغطية المرأة اليهودية رأسها ووجهها تماماً، وأن لا يترك سوى حيز صغير لعين واحدة فقط، وشددوا على أنه لا يجوز للمرأة أن تمشى في الشارع أو حتى في فناء منزلها وهى حاسرة الرأس تماماً، فمن تكشف عن شعرها تتسبب بفاقة أهلها وفقرهم.

كما أن ظهور امرأة حاسرة الرأس أو سماع صوتها أثناء أداء الصلاة يبطلها. لكن رجال الدين اليهود استثنوا الفتاة العزباء من فتاواهم حتى يتسنى لها الزواج، فلا لا بأس أن تخرج حاسرة الرأس للترغيب بها.

الاختلاط حرام
يزداد عدد المحجاب والمنقبات اليهوديات في أوساط المستطونات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية، إذ أن السياسة الإسرائيلية تتعمد إرسال هؤلاء المتشددين إلى هذه المستوطنات معتمدة على ولائهم الديني في مواجهة الولاء الوطني لدى الفلسطينيين.

وفي مستوطنة "بيت شميش" في القدس، شكل اليهود الأرثوذكس ما يشبه "الجيتو" داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وسنوا قوانين وشرائع في تنظيم شئونهم.

فمثلاً، في هذه المستوطنة يفصل الحافلات إلى قسمين، الأمامي للرجال والثاني للنساء، و حتى بلغ الأمر بـ"الورعين" فصل منازلهم إلى غرف للذكور والإناث منعاً للاختلاط، ويحظر على النساء الكلام "لإن صوتهنّ عورة وفاتحة للنميمة وكلام السوء"، إضافة إلى أنه يمنع مشاهدة الأفلام في تلك المستوطنات.

كما أن فتاوى الحاخامات وصلت إلى حد التطرف بمنع النساء الاستحام أمام "حائط" والاغتسال فقط داخل خيمة تنصب داخل المنزل، إضافة إلى منعهنّ من تصفح الإنترنت وسماع الأغاني أو الغناء وارتداء البنطال، حتى أن بعضهم يحظر التعليم على الإناث ويقصره على الرجال فقط.

"يهودة" الدولة

تنامي ظاهرة "جيتو" المتطرفين اليهود، طرحت تساؤلاً جديّاً حول تأثيرهم على إسرائيل في المستقبل، ودورهم في تمكين مشروع "يهودية الدولة".

وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإن اليهود المتشددين يحتلون 40% من المناصب الحكومية في إسرائيل، وقرار تجنيد "الحريديم" وغيرهم من الطوائف الأرثوذكسية سيجعلهم يشكلون 40% أيضاً من الجيش، ما يمنحهم نفوذاً كبيراً يعرف الحاخامات كيف يوظفونه ويستغلونه لتحقيق مصالحهم.

لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، إذ إن تزايد نسبة المواليد لدى هذه الفئة ثلاثة أضعاف نظرائهم في إسرائيل. ووفقا لدراسة إحصائية أجرتها الجامعة العبرية بالتعاون مع جامعة بوسطن الأمريكية، فإن نسبة الزيادة الطبيعية لدى مجتمع الحريدي تصل إلى 4- 5%، أي أن الحريديم يضاعفون أنفسهم كل 18 عاما تقريبا.

وأشارت الدراسة إلى أن معدل ولادة المرأة الحريدية في الفترة منذ مطلع الثمانينيات إلى مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وصل إلى 15%. وأن المرأة الحريدية تساوي ثلاث نساء من الإسرائيليات غير المتدينات في معدل الإنجاب، ما يعني تحول إسرائيل إلى دولة دينية متطرفة على مدى المستقبل البعيد.

ويتفق مع هذة النتائج الباحث الإسرائيلي في جامعة حيفا، أرنون سوفير، الذي يحذر من أن الحريديم واليهود الأرثوذكس سوف يصبحون القوة الأكبر في إسرائيل بحلول عام 2030.

المجال الحيوي

كما يتوقع بحث سوفير، أن يصل تعداد الحريديم بحلول عام 2030 إلى أكثر من مليون شخص، خاصة في ظل الزيادة الطبيعية لدى الحريديم، والتي تتراوح بين 6- 7%، ما يعني أن إسرائيل ستجد نفسها أمام ثلاثة سيناريوات، الأول يتمثل في خضوع القطاع العلماني للعادات والتقاليد الحريدية، صهر القوى العلمانية الإسرائيلية لنفسها في بوتقة واحدة لمواجهة التيار الديني الصاعد.

أما السيناريو الثالث فقد يشهد تراجع الديمقراطية الإسرائيلية في مقابل القوى المناهضة للديمقراطية، إضافة إلى اتجاه القيادات المحركة للمجتمع الحريدي إلى ضم أراضٍ خاصة للفلسطينيين من أجل استيعاب هذه الزيادة الطبيعية في تكرار بائس لنظرية "المجال الحيوي" العنصرية.

الحقيقة وأنا / طال نيتسان

شعر: طال نيتسان

ترجمة من العبرية: محمد عبد الدايم
منشورة على موقع الكتابة الثقافي:


الحقيقة وأنا نشترك في شقة

بما أنني دخلت قبلها

فحجرتي أكبر من حجرتها،

 بما أنني أتأخر في النوم،

 وهي تُبكِر في القيام من فراشها

فنتقاسم كل يوم فقط

ثماني ساعات. نصفها

ظلام، ونصفها نور.


أحيانا في الصباح

تشتاق لإيقاظي،

تتردد على عتبة حجرتي بينما

أنا دائخة أسقط من حلم

إلى حلم إلى حلم، ويدها الصغيرة

المضمومة كي تنقر (على الباب)

تُلقي على بابي ظلا مُرتعشًا

يشبه عصفورا أسودا.


طال نيتسان - Tal Nitzán טל ניצן


     شاعرة ومحررة ومترجمة إسرائيلية، وُلدت في يافا، وترعرعت في بيونس آيرس ونيويورك، وتعيش حاليا في تل أبيب، أصدرت ستة دوواين شعرية بالعبرية، وكتابا للأطفال، تُرجِمت قصائدها لنحو 20 لغة، تترجم كثيرا من الأدب الأسباني، وتحرر مجموعة من الدوريات والمجموعات الأدبية. ونالت جوائز إسرائيلية وعالمية.