Wednesday, June 21, 2017

غيبوبة مرتجاة

من هذا عديم الأخلاق؟!

الذي يحاول أن يوقظني

ليخبرني أن العالم

فيه من الإيجابية

ما يستدعي أن أتيقظ

من سكرة أرتضيها

اغترابا عن الهراء الكوني

ولعب البوكر فوق أفخاذ العدالة العارية

والطرق بمجون في حفل يومي

على بطن فتاة فقيرة

تنسى جوعها

في بحثها عن كسرة خبز

لرضيع تكبره ببضع سنوات

رحل رجلها ليغتصب حقل بترول

في أرض جديدة

بعدما ترك منيه في رحمها.

من هذا الذي يوقظني

لأشاهد إشارة المرور خضراء فقط

لمن يتسلطون بدوابهم ويعربدون في عرباتهم

ويسكنون  قصورا أعمدتها تنتصب على جماجم

حالمين بالنزاهة

وراضين باختلاس نظرة بريئة للمجهول

مدعين أن حلمهم هناك

ربما ينتظرهم.

Friday, June 16, 2017

كيف الحال

يبدو الوضع مُحبطا؛
كحالة فتاة داهمتها
آلام أول دورة شهرية..
وهي تتزين خلسة
للقاء صبي
بزغت فجأة شعيراتٌ بكرٌ
أسفل أنفه،
كحالة امرأة
انقطعت عادتها..
وهي تأمل في وليد أول،
كحارس عملاق
تسقط كرته
من يده في مرماه..
بعد قفزة أسطورية
منعت هدفا
في الدقيقة تسعين
من مباراة البطولة،
كجزيرة كانت
ملتقى العشاق المُبحرين
فتلثمت رمال الصحراء
وخطفتها إلى أرض البداوة..
واختفت خلف الأفق المُشرق.

يبدو الوضع مربكا
كعنزة عجفاء
تلد وتُرْضِعُ..
وسكين الذبح ثلم
يتأهب
لإشباع قطيع من الجياع.

يبدو الوضع مأساويا
كقافلة في التيه لأعوام
تعثر بعد حين طويل
على بئر ندية،
لكن العصبة تتراشق طمعا
في أول شربة
فيسقط صبيهم
في غيابة الجب
ليلتقطه بعض السيارة
بعد موتهم عطشى.

Thursday, June 15, 2017

محطة الحافلات

 قصة قصيرة
بقلم: محمد عبد الدايم

     في محطة الحافلات، هكذا أسميها تجاوزا، وقفت أنتظر علبة متهالكة، أنحشر فيها وصولا إلى البيت، بينما أفكر في استراتيجية الدخول للحاق طرف كرسي لا يبرز منه مسمار يقطع سروالي، تطلعت فيما حولي، لم ألمح رجلا خمسينيا في هيئة موظف جهة حكومية يحمل بطيخة ويعتمر منديله القماش، لم أجد سيدة وقور تحمل حقيبة جلدية سوداء؛ يطمع فيها السارق الذي يبرز فجأة من بيننا، أشفقت عليه سابقا حين طمع في حافظة نقودي، مؤكد أنه قد فزع حين فوجئ بأنها لا تحوي في جيوبها الصغيرة المهترئة سوى بطاقة هويتي وصورة مطبوعة عليها بالأبيض والأسود لمهرج حزين.
     تلفتُ ثانية؛ ولم أجد فتاة تخفي عيونها ونصف وجهها خلف نظارة أوفرسايز ملونة، ولم ألمح الشاب الثلاثيني الذي عادة ما يتلصص عليها، وهو يحمل حافظة أوراق بلاستيكية بكبسولة، تحوي غالبا سيرة ذاتية متواضعة طبعها في محل اتصالات، وشهادة إنجاز دورة حاسب آلي.
     وجدت العامود الذي لم يُجدد طلاؤه منذ اختفاء الحافلة "نصر" القديمة، مازال يحمل على عاتقه سقفا هرِما لا يصد فحيح الشمس، وقد بدا العامود موشى بهستيرية بإعلانات عن شقق مفروشة للطالبات، وسائقين مطلوبين للعمل دون شرط المؤهل الدراسي، وملصق دعائي قديم لمرشح في انتخابات مجلس شعب، أو شورى، أو نواب، لا أتذكر، فلا أعيرها اهتماما مهما تغيرت مسمياتها.
     ما لفت نظري حقا هو إعلان يقول "عريسك عندنا 001000000000"، أيقنت أن الحداثة تسللت من عامود "هو وهي" في الجريدة اليومية إلى محطة حافلاتنا، وأصبحت محطة حافلاتنا لوحة إعلانات تساعد من لا يستطيع أن ينحشر في علبة متهالكة أن يجد شريك عمره، إن وجد عملا بسيرته الذاتية المتواضعة وظل على قيد الحياة.

Tuesday, June 13, 2017

جحيم القبلية حين يلحف وجوهنا



في معرض حديثنا؛
خلال اتصال هاتفي بريء؛
قال الصديق:
تعلم
- على هامش الذكريات الجاحدة-
إن النعرات العاطفية
لم يعد لها مجال في القلب،
فلم نصبح الحمقى ذاتهم
المنتظرين عند ناصية الزمان
رجوع جندي العائلة
من معارك الشرف
مُظفرا فنرفعه على الأعناق
في زفة نفاق،
أو مهلهلا فنواسيه
بتفخيم معاليه.

لم نكن من زمرة المُلتئمين يوما
حول لحوم الأفخاذ،
مرة واحدة،
أو مثنى وثلاث ورباع،
كنا نخاف ألا نعدل،
ولم يتوانوا عن نكاح العدالة
لتحمل الزور سفاحا.
ولم نكن عندهم
من طائفة المصطفين الأخيار،
الذين يرثون
الهالة
والفخامة
والدار.

أمّنت على حديثه فأكمل
بمرارة في حلقه يبدو
أنها تليق بما نمر:
إن العمر لم يعد يتحمل مزيدا
من الهراء الأخلاقي
وترهات الشهامة
وزيف الأبوية الفاسدة،
بعد عقود من الرِق..
تحت شعارات حنجورية
تستغل الدين والقبلية
والمال والسطوة
والتراث والعصبية..
على شاكلة:
كيان الأسرة
واستعلاء المكانة
والترويج النتن لأنا زائفة.
يجبر المارة في الشوارع
على تقبيل الأيدي
صاغرين خنوعا،
أو نفاقا،
أو مبادلة البلية
بفعل سخرية مقنع.

دعونا لحالنا،
نلملم شتات النفس الهائمة،
بعد عمر من التشظي،
كنتم فيه
نعم السدنة
للحاكم الفاسد،
الطاغية الحنون،
الذي سرت في عروقكم
ملامح من شخصه الكريم..
فأبيتم إلا أن تدًّعوا
أنكم ظله،
أما نحن
المارقين المُبعدين
فقد ارتحلنا،
شردنا عن القطيع بعد لفظنا،
جرحى بندوب لا تندمل،
وغُربة لا تُحتمل،
ورِقَة اخترعناها
عند الوحدة تغدو
دمعا ينهمل،
وهشاشتنا صلبة
تتحطم
حين تكتمل.



Thursday, June 08, 2017

أنا امرأة



أنا امرأة
شعر: إفرات ميشوري
ترجمة عن العبرية: محمد عبد الدايم


أنا امرأة أو مجرد طفلة موبوءة.
أتمدد من خلال ما يسمحون لي
أتوسع في الفضاء الذي يخلفه الأثاث
منضدة
كرسي
وكل هذه البيوت
التي يتصاعد فيها الهواء الدافئ لأعلى
من الأرضية التي تعمل كمرساة يهرب محلقًا
يخبط بالسقف ويسقط أرضا
ليبدأ في الهروب بلا أمل
باتجاه الجيد الذي هو عكس سيء.

أنا امرأة أو مجرد طفلة موبوءة.
مطعونة برماح الأم المنفرة
تكيفت على العيش بجانب أزواج
وعلى الطواف حول عامودهم المنتصب
باحتجاج صغير
قدر الإمكان.

إفرات ميشوري:
אפרת מישורי

إيفي تسادقا(1964- ): شاعرة إسرائيلية، ولدت في طبريا، حصلت على درجة الدكتوراه عن أطروحة في موضوع "تل أبيب في شعر آفوت يشورون"، تكتب الشعر والنقد في صحف ومجلات أدبية، كما حصلت على جوائز أدبية عدة، من أعمالها الشعرية: «ספר החלומות - كتاب الأحلام» (1988)، «נשיכות של דגים קטנים - لدغات أسماك صغيرة» (1999)، «הפה הפיזי - الفم المادي» (2002)، «הבוהמה הביתית -البوهيما المنزلية» (2013).