ليكورنا by محمد الطماوي
My rating: 4 of 5 stars
كنتُ سعيد الحظ لأنني قرأت الرواية وهي بعدها مخطوط لم يُنشر، فوجئت في البداية ببراعة واضحة في تقنيات السرد والبناء الفني، وبعد البداية انغمست في الترحال بين عالميْن دشنهما السارد، انفتح كل عالم منهما إلى عوالم أخرى، ليتسع فضاء السرد الروائي، ابتداء من 1759 م وحتى 2010، والفضاء مرشح للاتساع إلى ما بعد ذلك.
لمست في كتابة محمد الطماوي هروبًا من الشتات وإليه، انفصالا عن الجذور، وحنينًا إليها، تقافزًا بين ثقافات مختلفة، وحضارات متباينة، شرقًا وغربًا، لكن المؤكد هو شعور عام بتشرذم الهوية، وثقل الماضي، ووهن الواقع .
تنضح الرواية بالصراع الذاتي، بين الهوية الذاتية، والهويات الجمعية، وفيما بينهما يسبح البطلان الرئيسان ضد التيار على طول الخط، ويتضح أن كلا منهما صورة للآخر، كأن سامي عاد بآلة الزمن إلى عام 1759 ليتقمص شخصية أنطوان خير، دون أن يتكلف أي منهما حمل عبء ديني، ولكن تدثرهما - ومعهما السارد - روح صوفية كامنة في نفسيهما، وتحوم معهما في ترحالهاما من الشام إلى ليفورنو (ليكورنا)، إلى أمستردام، ، وروما وكولونيا، ونيويورك، ويتعلق بندول الأحداث من مركزه في شارونة بصعيد مصر، حيث يقبع الجد الصوفي.
رواية تاريخية تعمل على إبراز جوانب متشابكة في الشخصيات التي تعاني أرقًا في الهوية الذاتية، وضياعا للهوية الجماعية، مع تداخل الثقافات، وعبور البحار وركوب الطائرات، وتحرك عوالم الشخوص من قارة لأخرى هربًا من مطارِد أو سعيا لرزق أو رغبة في طموح عملي أو اشتياقا لحب أو خلعا لجلباب قديم ثم الحنين لارتدائه درءًا للصقيع النفسي
رواية تنم عن ثقافة واسعة لكاتب يمكنه التميز فيما هو قادم من أعماله.
View all my reviews