بمداد من دم قلبى القتيل؛
بدمع عينى الذى يسيل؛
أكتب إليك:
لا أستطيع استكمال هذا الدرب الطوبل،
فما بقى منى هيكل مهزوم عليل،
وقد صرت كشيخ ضعيف نحيل،
لا يملك أملاً ولا دواء يشفى الغليل،
فقدت الجلد ،فقدت العزم،
فقدت الصبر الجميل.
أهيم فى دربى وحيداً
من غير رفيق أو خليل،
كأنى فى بيداء قاحلة
بلا ظل ظليل،
تائه من دون ناقة من دون
مرشد أودليل،
أو فى بيت أشباح
مطفأ القنديل،
وأنى لى الخروج من نفق المستحيل؟
وأنا مسلسل بقيد اليأس الثقيل،
لم يعد لى سوى البكاء والعويل،
وزادى فى الدنيا أقل القليل.
عادانى البأس وصار
يأسى له عميل،
وتزاوج فقرى مع ضعفى
والعجز لهما سليل،
مقيد فى محلى معصوب العينين
مخنوق منى الثليل،
تهتكت أوصالى من سياط الظلم وعذاب التنكيل،
مجروح أنا؛وما بقى من قطر دمى يسيل،
وأصبحت دوماً فى معتقل الحزن نزيل.
أحيا فى عالم وحشى؛
يحكمه المستبد الضليل،
بقسوة وجبروت؛
بميزان الظلم يكيل،
عالم ملؤه الخداع؛ فيه من يتلون كالحرباء
للتضليل،
ومن يتقنع العلم؛
كالبهاليل،
زهق الحق، والعدل فى دنيانا
باطل الأباطيل،
جرى الفساد فى العروق مجرى الماء فى المسيل،
عالم خلا ؛ إلا من صنفين:
قابيل وهابيل،
ولست أنا بقاتل، ولا أبغى دور القتيل.
لا تظنى فىَ ؛ فقد أحببتك دون شك أو مقيل،
لكن خروجى من دنياك
لا يحتمل التأجيل،
فهدف كلينا صار
كالماء فى الغرابيل.
لم أر مثلك ، ولن أجد لك مثيل،
حلمت أنى ألتقطك لى؛
كفارس لسيفه فى الهواء صليل،
يشق جواده سكون الفضاء بصهيل،
يجرى إلى قصرك ليكون
من بين المتقدمين الرعيل،
ليقدم عمره مهراً،
وزهر شبابه فى إكليل.
أنصت العصفور لصوتك،
وكف الحمام عن الهديل،
النحل غار من شهد فمك
الذى يسيل،
والجبال لمرآك
تتراقص وتميل،
ونسج الصبح لك
من نداه جديل،
تجمع الطير حولك
فى السماء أبابيل،
تتلكأ فى الغروب لتراك
شمس الأصيل،
وبدت النجوم من بهائك
حجارة من سجيل.
كلانا أجرم؛
حين تركنا الحب يولد؛ وهو بعد حميل،
فلا مناص من دفنه،
وليس للوأد بديل،
فبقاؤه حياً لن يجلب سوى
الهم الوبيل.
إنى راحل؛
وليس لخطتى تعديل،
فأنت معى تصيرين
ضحية الفراعنة عروس النيل.
فلنتقبل الأمر بغير دموع وتهويل،
وليكن فراقنا دون وداع أو تقبيل،
سأشددعلى فؤادى، أما قلبك
فالزمان به كفيل.
ختمت رسالتى ،
ولم يبق سوى إمضائى والتذييل،
مجبر أنا على الرحيل.
محمد هندام
الأربعاء 7/2/2007
No comments:
Post a Comment