Sunday, January 14, 2018

المنصات الإعلامية: سلاح إسرائيل الأنجح لاختراق الوعي العربي




تقرير منشور على موقع شبكة رؤية الإخبارية، اضغط هنا للانتقال

لفتت الأنظار مؤخرا صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حملت عنوان "People of the Book أهل الكتاب" ومؤسسها يدعى إلحنان ميلر، وظهرت هذه الصفحة بغرض تقديم معلومات أساسية عن الديانة اليهودية للمسلمين في أنحاء العالم، كما يعرف صاحبها نفسه بأنه "صحفي وطالب شريعة يهودية من القدس، يهودي هاو للإسلام، يسعى لنشر التفاهم والتعايش بين أتباع هاتين الديانتين السماويتين".
من أجل نقل "معلوماته" أسس إلحنان ميلر صفحة خاصة بأهل الكتاب على موقع يوتيوب، واللافت أن هذه المبادرة تلقى اهتماما يكبر يوما بعد يوم من جانب عرب على شبكات التواصل الاجتماعي.
فكرة ميلر تقوم على تصوير مجموعة من مقاطع الفيديو القصيرة ذات الجودة العالية التي تشرح طقوس الشريعة اليهودية، وتقارنها بمثيلاتها في الإسلام، وحصدت الفيديوهات نسبة مشاهدات كثيرة في الفيسبوك ويوتيوب، ومن أمثلة هذه الفيديوهات التعليمية مقطع عن الصلاة في اليهودية، ومقارنتها بالصلاة في الإسلام:

إلحنان ميلر صحفي مختص بدراسات العالم العربي، حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في دراسات الإسلام والشرق الأوسط من الجامعة العبرية، وكانت أطروحته حول طبيعة الدين والدولة في مصر وإسرائيل.
من خلال مقاطع الفيديو التي يسجلها وينشرها تتضح طلاقة ميلر في التحدث بالعربية بلهجة شامية بسيطة، رغم أنه إسرائيلي يهودي من أصل كندي، وبحسب ما يقول إن الهدف من مبادرته "تعريف المسلمين الذين ليس لديهم فهم واضح للممارسات العقائدية اليهودية، ويتحدث من منطلق كونه يهوديا أكثر من إسرائيليا، لأن إسرائيل قضية مثيرة للجدل، لكنه يستهدف بناء مصداقية وتكوين تعاطف مع متابعيه من المسلمين بالتركيز على الجانب اليهودي"، ويعرف إلحنان نفسه باعتباره "حاخام يهودي يجلب السلام للعالم" مؤكدا على مسعاه "لبناء علاقات طبيعية مع المسلمين".
إسرائيل تفرض سيطرتها بسلاح التراث العربي:-
على الصعيد الإعلامي؛ تعمل إسرائيل بكل جدية وصمت على التواصل مع العالم العربي بوسائل إعلامها المقروءة والمسموعة والمرئية، والحقيقة أنها ناجحة بشكل كبير، حيث  تتركز منصات إعلامية إسرائيلية على التوجه للمتلقي العربي، بداية من  إذاعة "صوت إسرائيل بالعربية" التي تذيع على مدار الساعة أغاني المطربين العرب، أو القناة "33" الإسرائيلية التي تعرض معظم برامجها باللغة العربية، إضافة إلى فيلم من روائع السينما المصرية كل أسبوع، كما ينقل التلفزيون الإسرائيلي كل أربعة أعوام عبر قنواته المفتوحة مباريات كأس العالم التي تجتذب  آلافا من العرب.
استقطاب العقل العربي:-
تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت، لتفاجأ بكمية الصفحات الإخبارية السياسية والثقافية والاجتماعية الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية، والتي تأسست لتوجه نحو المواطن الفلسطيني في الداخل الإسرائيلي، والمواطن العربي في الأمصار الناطقة بالعربية، على شبكات التواصل الاجتماعي ستجد صفحات بالعربية لرئيس إسرائيل، ورئيس الوزراء، ومعظم الوزارات الإسرائيلية، وصفحة للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وصفحات فنية واجتماعية كثيرة، وكلها يشترك في متابعتها آلاف من العرب، على سبيل المثال صفحة "إسرائيل بدون رقابة" أو "إسرائيل بالعربية" وموقع "المصدر" الإسرائيلي الناطق بالعربية، ناهيك عن الصفحات الرسمية لمتحدثين باسم الحكومة الإسرائيلية أو جيش إسرائيل، وهي صفحات يتابعها عشرات الآلاف من العرب.
 بينما تهدف المنظومة الإعلامية الإسرائيلية لاستقطاب المواطن العربي فكريا، واستطاعت هذه المنظومة  أن تتوغل وتنتشر وتنجح في توصيل رسائل ورؤى إلى المواطن العربي؛ ففي المقابل يبدو الفشل الإعلامي العربي واضحا للعيان، فكل هذه القنوات والإذاعات والمواقع والصفحات والجرائد والمجلات والتطبيقات، وليس من بينها وسيلة واحدة ناجحة يمكن التعويل عليها كي تصبح وسيلة إعلام موجهة للجمهور الإسرائيلي.
هل ثمة إعلام عربي موجه لإسرائيل؟!
رغم المحاولات التي ظهرت على استحياء لبناء منظومات إعلامية موجهة للآخر الإسرائيلي؛ فمن الواضح أن أيا منها لم تحقق نجاحا ملموسا في توصيل رسائل الجانب العربي للمواطن الإسرائيلي العادي، بلغته العبرية.
تستقطب منصات إعلامية إسرائيلية متلقين جددا من الجانب العربي كل يوم، لأنها تقوم على منهجية فهم الآخر وبث الرسالة الإعلامية بلغة يفهمها وأسلوب يجتذبه، وتهدف هذه المنصات العمل على إزالة الاحتقان العربي تجاه إسرائيل، وتذويب الفوارق بين المجتمعات العربية وبين المجتمع الصهيوني المزروع في قلب فلسطين، حتى يصل المواطن العربي لحالة من التماهي التام مع إسرائيل باعتبارها كيانا منطقيا طبيعيا وليس رقعة مستجدة.
تدرك وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتمامات العرب واحتياجاتهم، فتذيع على قنواتها وإذاعاتها وتنشر على صفحاتها ومواقعها ما يجذب المواطن العربي من فنون وثقافة وأدب وأخبار، بينما لم يظهر مشروع إعلامي عربي يتوجه برسالة إلى الداخل الإسرائيلي بلغته، لينطق بلسان الإسلام أو المسيحية أو الحضارة العربية.
يبدو واضحا أن إسرائيل فطنت منذ عقود لأهمية وسائل الإعلام في كبح جماح الغضب العربي عليها، فأسست منظومة إعلامية رسمية وجماهيرية تستهدف استقطاب العقل العربي بالكامل، وتُظهر نفسها كدولة طبيعية حضارية، تخاطب وجدان المواطن العربي، بينما الجانب الآخر يستنزف رأسماله الفكري والمالي في تدشين منظومات إعلامية كغثاء السيل، بهدف الملاسنة أو استنزاف العقل العربي، دون تحقيق استفادة فكرية وبلا تحقيق أدنى إنجاز في الوصول إلى العقل الإسرائيلي.


No comments:

Post a Comment