تقرير منشور على موقع شبكة رؤية الإخبارية، اضغط هنا للانتقال
خلال زيارته القصيرة للبنان الأسبوع الماضي التقى
وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس البرلمان
نبيه بري، ورئيس الوزراء سعد الحريري، إلى جانب وزير الخارجية جبران باسيل.
جاء تيلرسون حاملا معه موقفا أمريكيا صارما ضد حزب
الله، وطالب الحكومة اللبنانية بانتهاج سياسات جديدة لاحتواء نفوذ الحزب، كما جاء
الوزير الأمريكي ساعيا نحو حل لمشكلة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
أفادت تقارير إعلامية أن وزير الخارجية الأمريكي أناب وزير الخارجية مساعده
ديفيد ساترفيلد للوصول إلى حل للمشكلة المائية بين لبنان وإسرائيل في أسرع وقت،
وقدم الأخير خطة لتبادل المناطق البحرية، وبموجبها تحصل لبنان على 60% من المناطق
المائية المتنازع عليها مع إسرائيل، وهي الخطة التي كان قد قدمها المبعوث الأمريكي
السابق فريد هوف في 2012، وتقضي بصياغة اتفاقية حول المناطق الـ 13 المتنازع عليها
بين الطرفين.
أوضح
تيلرسون أن هدفه الوصول لاتفاق بين الجانبين تستطيع لبنان بموجبه التنقيب عن البترول والغاز
في منطقتين بعينهما في البحر المتوسط، إحداهما تقع في النقطة 9 المتنازع عليها مع
إسرائيل، بينما أعلن وزير الطاقة اللبناني سيزار أبي خليل أن دولته وقعت اتفاقا
للبحث والتنقيب عن الغاز والبترول مع التحالف العالمي توتال الفرنسية وإيني
الإيطالية ونوفاتيك الروسية في المنطقة 4، ثم في المنطقة 9 الواقعة في نطاق النزاع
مع إسرائيل.
من جانبه؛
قال ستيفن ميشيل رئيس إدارة البحث والتنقيب بفرع البحر المتوسط وشمال أفريقيا في
شركة توتال الفرنسية إنه من الممكن الشروع في التنقيب عن الغاز والنفط في النقطة 4
غير المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل بحلول عام 2014، ثم تبدأ الشركة في العمل
بالنقطة 9 بعد ذلك، وجاءت تصريحات ميشيل في محاولة منه لتخفيف حدة التصريحات
المتبادلة بين لبنان وإسرائيل بخصوص الحدود البحرية.
مشكلة ترسيم الحدود بين لبنان وقبرص وإسرائيل: -
تعود مشكلة ترسيم الحدود البحرية إلى الاتفاق الذي
بحثت لبنان توقيعه مع قبرص عام 2006، لكن المباحثات توقفت بين الطرفين، واستغلت
إسرائيل تراجع لبنان عن توقيع الاتفاقية مع قبرص نظرا للجمود السياسي الذي لم ينفك
حتى الآن، لتتوصل إسرائيل إلى تفاهمات مع قبرص من أجل توقيع إتفاقية ثنائية لترسيم
الحدود البحرية بينهما بما يسمح لهما بالتنقيب عن النفط والغاز.
وفي
العام 2011 أقرت حكومة إسرائيل ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وأعلن أفيجادور
ليبرمان وزير الخارجية حينها، ووزير الدفاع حاليا، أن إسرائيل ستعرض على الأمم
المتحدة ترسيم "منطقتها" الاقتصادية في البحر المتوسط.
على إثر هذا التوجه الإسرائيلي عادت لبنان في عام 2012 إلى قبرص مجددا في
محاولة منها لتوقيع اتفاقية مشتركة لترسيم الحدود البحرية خشية أن تتمكن إسرائيل
من سرقة المياه الاقتصادية اللبنانية بما فيها من حقول نفط وغاز.
في مارس من العام الماضي سرت أنباء عبر وسائل
الإعلام الإسرائيلية تفيد بأن الكنيست والحكومة بصدد التصديق على خطة لترسيم
الحدود البحرية في البحر المتوسط، من أجل التنقيب عن النفط والغاز، وهي الخطة التي
تسمح لإسرائيل بضم مساحة بحرية غنية تبلغ 860 كم مربع، فيما استنفرت الحكومة
اللبنانية واعتبرت الخطوة الإسرائيلية بمثابة محاولة جديدة لاحتلال الملكية الإسرائيلية
على غرار مزارع شبعا.
في الوقت الذي تجمدت الحياة السياسية في لبنان،
كانت إسرائيل تسعى بكل جدية للخروج باتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع قبرص، رغم
أن المياه الاقتصادية في هذه المنطقة تقع تحت سيطرة الدول الثلاثة لبنان وقبرص
وإسرائيل، إلا أن الأخيرة تحاول استغلال المشاكل اللبنانية للخروج بأكبر قدر من
المكاسب كي تستطيع التنقيب عن الثروات في منطقة بحرية لبنانية في الأساس، رغم أن
لبنان أعلنت رفضها لخطة ترسيم الحدود التي أقرتها إسرائيل عام 2011، لأنها تقتطع
نحو 800 كم مربع من المياه الإقليمية اللبنانية لصالح إسرائيل، وهي منطقة غنية
بحقول الغاز.
أولويات الإدارة الأمريكية: -
يبدو أن خطة الحل الأمريكية من
أجل مساعدة لبنان في إنهاء النزاع على المناطق الاقتصادية البحرية محكومة بشروط
السيطرة على حزب الله في لبنان وسوريا، خصوصا وأن نصر الله أعلن غير مرة أن حقول
الغاز والنفط على الحدود هي ملكية لبنانية خالصة، وهدد إسرائيل إذا ما حاولت
السيطرة على هذه المنطقة الغنية بالثروات، فتسعى الولايات المتحدة للسيطرة على
الاحتقان بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي على خلفية الصراع على النفط والغاز،
لأنها تريد التركيز على أولوياتها السياسية في المنطقة، وهي القضاء على داعش،
والمسألة السورية والبرنامج النووي الإيراني، ثم تلتفت مجددا لإشكالية تقسيم
الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، لذا فهي لا تريد في الوقت الحالي صراعا عسكريا
على الحيازة البحرية بين إسرائيل من جهة، وبين حزب
الله ممثلا عن لبنان من جهة أخرى، وهو الصراع الذي لا شك أن الإدارية الأمريكية ستنحاز
على خلفيته لإسرائيل.