Saturday, June 21, 2014

اليهودي التائه وابتزاز العالم

منشور على موقع الكتابة الثقافي

Share on twitteShare on facebookShare on bloggerShare on gmailMore Sharing Services
اليهودي التائه وابتزاز العالم

تحكي الأسطورة المعروفة بـ«اليهودي التائه» أن إسكافيا يهوديا يُدعَى "كارتافيلوس"، طلب منه المسيح، وهو يحمل صليبه، جرعة ماء، ولكن الإسكافي ضربه واستهزأ به، فتنبأ له المسيح بالتيه إلى أن يعود، وبالفعل حلت على اليهودي لعنة جعلته يجوب بقاع الأرض إلى أن يعود المسيح مرة أخرى، ومن هنا سُمِّي اليهودي التائه. وقد بدأت الأساطير المستوحاة من هذه الشخصية الغريبة في الظهور في القرن الثالث عشر.
وظل اليهودي التائه رمزاً لما يسمى بالشعب اليهودي، الذي يقف شاهداً على التاريخ من وجهة نظر اليهود، منبوذاً من الجميع، ومن وجهة نظر المعادين لليهود شعباً منبوذاً.
وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، تحوَّل اليهودي التائه بدوره إلى رمز للإنسان المغترب الذي يرفضه المجتمع بسبب تميُّزه ووقوفه ضد الظلم،  وانجذب الكثير من الأدباء والمثقفين للأسطورة، وأصبحت موتيفا في كثير من الأعمال الشعرية على وجه الخصوص، فقد استخدمها شعراء كبار كـ "مولر" و"شوبرت" من ألمانيا، و"روبرت وليام بيوكانان" من اسكتلندا، إضافة إلى أعمال نثرية لأدباء ألمان وانجليز وفرنسيين، فلم يعد التائه يهوديا فحسب، وإنما أصبح الإنسان تائها في عالم من الظلم والشك والتيه.
واستغلت أدبيات الفكر والفلسفة والإعلام اليهودية هذه الأسطورة، إضافة لسياسات روسيا القيصرية بحق اليهود في القرن التاسع عشر، وبعدها أحداث النازي التي أصبحت أكبر ورقة ضغط يهودية على العالم الغربي.
استندت الصهيونية كفكر ومنهج على هذه الأحداث، مغلفة إياها بأسطورة اليهودي التائه المنبوذ لتميزه وأفضليته على غيره من أصحاب الديانات الأخرى، وجعلت من اليهودية كديانة مطية لأهدافها الاستعمارية، التي ترتكز على ابتزاز العالم للحصول على أكبر نسبة من المكاسب المادية والمعنوية، وذلك بالترويج لما تدعيه بـ"معاناة اليهودي في العالم".
ويعتبر الشاعر والمفكر اليهودي الإسرائيلي "أبا كوفنر" (1918 – 1987) أحد المفكرين والأدباء اليهود الذين استغلوا تلك الأفكار والأحداث لمصلحة الفكرة الصهيونية القائمة على الابتزاز وجر التعاطف العالمي.
"أبا كوفنر" شاعر وأديب يهودي إسرائيلي، وُلد بأوكرانيا، وهو أحد يهود «جيتو فيلينيوس» (عاصمة ليتوانيا حاليا، وكانت أحد أشهر مراكز التجمع اليهودية في أوربا الشرقية)، اندمج في حركات يهودية سرية غير نظامية للانتقام من الألمان بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انضم لمجموعة كانت تسمى «المنتقمون»، وسعت لتصفية كوادر النازية، بعدما سقط هتلر، حيث سعى اليهود في هذه المجموعات للانتقام مما سُمي بالمحرقة.
أبا كوفنر قائدا لإحدى هذه المجموعات السرية، وكان معروفا عنه أنه قائد ذو كاريزما خاصة، وكان خطيبا مُفوها، كما شارك كضابط في حرب 1948، وشارك في تأسيس متحف في حرم جامعة تل أبيب، والذي افتُتِح عام 1987، ويعرض ما يسمونه "تاريخ الشعب اليهودي عبر العصور".
بدأ كوفنر ينظم الشعر في مراحل مبكرة من عمره، وتركزت أعماله في وصف ما يصفه اليهود بإبادة الشعب اليهودي في أوربا على يد النازي، ومعاناة اليهود في الجيتوات، وفي الخمسينيات من القرن الماضي بدأ في نشر أعمال نثرية، وأُطلق عليه في إسرائيل لقب «شاعر المحرقة»، لأن معظم أعماله الشعرية تركزت على وصف ما يدعونه معاناة وإبادة اليهود خلال أحداث النازي.
ومن قصائده الشهيرة التي يتحدث فيها عما يُروج له بـ"معاناة اليهود في العالم" قصيدة "من هو اليهودي"، ويقول فيها:

من هو اليهودي
اليهودي هو من يرغب في أن يكون يهوديا /  وهو يهودي رغما عنه
اليهودي هو من يؤمن إيمانا كاملا / واليهودي هو من يتشبث بعقيدة ممزقة
اليهودي هو من يضع الطليت(1 ) والتفلين(2 ) / واليهودي هو من يلقي الطليت والتفلين
اليهودي هو من يلقى صعوبة في كونه يهوديا / ومن يكافح ليكون شيئا آخر
اليهودي هو محتال/ نجح في خداع نفسه
اليهودي هو من وُلِد لأم يهودية/ واليهودي هو من لا يعرف أين قبر أمه
اليهودي هو من حرر نفسه من القيود/ واليهودي هو من قيد نفسه
اليهودي هو من أورث للإنسانية السمك المحشو( 3) الأصلي/  وكتاب التناخ(4 ) مترجما
اليهودي هو من يكتب من اليمين لليسار/ وهو من ينبذه يسار العالم ويمينه
اليهودي هو من تشكلت دائرة إبداعه بحروف مربعة / ومازال وجوده مستحيلا
اليهودي هو من لا يختلف عن بقية أمم العالم / باستثناء أنه معزول عنها
اليهودي هو من يكرهه الآخرون خفية / واليهودي هو من يكره نفسه على رؤوس الأشهاد
اليهودي هو من استمات لاستحضار العالم لبيته / واليهودي هو من يجب عليه أن يستميت على بيته
اليهودي هو من يستطيع أن يسأل/ واليهودي هو من لا يستطيع أن يسأل حتى يسمحوا له".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الطليت( شال الصلاة):  رداء أو عباءة مستطيلة الشكل لها أهداب في أركانها الأربعة، يلفها اليهودي على كتفيه أثناء الصلاة، وكان يُصنع قديماً من الكتان أو الصوف، وعادة ما يكون لونه أبيضاً، وأصبح ضرورياً أن يرتديه الرجال عند الصلاة، ويصنعوه من اللون الأبيض تتخلله خطوط زرقاء، ويرتديه العريس اليهودي في يوم عرسه، كما يُدفن اليهودي المتدين به، بعد إزالة الأهداب، وقد يرتديه والد الطفل أثناء إجراء عملية الختان لابنه. ولهذا الشال في طهارته أحكام خاصة أهمها أنه لا تلمسه النساء، ويخصص له موضع معلوم بالمنزل، ويجب على اليهودي لبسه منذ أن يبلغ سن التكليف بالعبادة وهي ثلاث عشرة سنة.
( 2 ) التفلين: تميمة الصلاة في اليهودية، عبارة عن صندوقين صغيرين من الجلد يحتويان على فقرات من التوراة، ويُثبَّت الصندوقان بسيور من الجلد. يثبتها اليهودي البالغ حسب الترتيب التالي: يضع الصندوق الأول على ذراعه اليسرى ويثبته بسير من جلد يُلَف على الذراع ثم على الساعد سبع لفات ثم على اليد، ويُثبَّت الصندوق الثاني بين العينين على الجبهة بسير أيضاً كعصابة حول الرأس، ثم يعود ويتم لف السير الأول ثلاث لفات على إصبع اليد اليسرى، ويُزال بعد الصلاة بالنظام الذي وُضع به. ويرتدي اليهودي تمائم الصلاة بعد ارتدائه شال الصلاة. وتُرتَدى التفلين أثناء صلاة الصباح خلال أيام الأسبوع، ولا تُرتَدى في أيام السبت والأعياد.
( 3) تسمى هذه الأكلة "جفيلطع" باللغة الييديشية التي كان اليهود يتحدثون بها في أوربا  في القرن الثامن عشر، وهذه الأكلة مشهورة لدى اليهود الإشكناز، وهي عبارة عن سمك محشي بأنواع أخرى من السمك المجفف والمطحون.
(4 ) التناخ: هو كتاب اليهود المقدس، ويتكون من أسفار التوراة الخمسة، إضافة لأسفار الأنبياء، والجزء الثالث يسمى أسفار المكتوبات، وهو ما يطلق عليه "العهد القديم" للتفرقة بينه وبين "العهد الجديد" كتاب المسيحيين المقدس.

Monday, June 09, 2014

الإعلام الإسرائيلي الموجه وخرافة الريادة العربية


محمد عبد الدايم
أكاديمي وباحث بجامعة المنصورة

النسخة الكاملة للمقال المنشور على موقع العربي الجديد بعنوان: العبرية على مرمى حجر:

الحديث في هذا المقال ليس عن القنوات الفضائية المصرية التي انتشرت كالسرطان، تضر ولا تنفع، تثير الغثيان ولا تفيد، الحديث ليس عن منظومة الإعلام الحكومية التي وصلت للدرك الأسفل من الفشل، والحقيقة أنها كانت منذ نشأتها فاشلة كونها صنعة أنظمة شمولية تستخدم الإعلام كأداة من أدوات الكذب والتضليل. الحديثي هنا ليس عن الصراع الخفي بين "الجزيرة" القطرية و"العربية" السعودية و"سكاي نيوز" الإماراتية، وإنما ينصب الحديث على نقطة أخرى: الإعلام العربي الموجه لإسرائيل، وخرافة الريادة المصرية التي أصبحت مجرد ريادة في الردح السياسي اليومي.على الصعيد الإعلامي؛ تعمل إسرائيل بكل جدية وصمت على اختراق البيت المصري والعربي بوسائل إعلامها المقروءة والمسموعة والمرئية، والحقيقة أنها ناجحة بشكل كبير، إذا تم عمل استطلاعات رأي أو حساب لعدد المتابعين المصريين والعرب لإذاعة "صوت إسرائيل بالعربية" التي تذيع على مدار الساعة أغاني كبار المطربين المصريين، أو القناة "33" الإسرائيلية التي تعرض معظم برامجها باللغة العربية، إضافة إلى فيلم من روائع السينما المصرية كل أسبوع، ستجد آلافا من المصريين والعرب يستمعون ويشاهدون ويستمتعون، إذا قرأت أن القناة الأولى الإسرائيلية ستذيع معظم مباريات كأس العالم 2014 بالبرازيل مجانا للجمهور الإسرائيلي؛ ستجد أن آلافا من المشاهدين سيسعون لتركيب القمر الإسرائيلي "عاموس" ليستمتعوا بمشاهدة البطولة العالمية الأولى، مع الاستعانة بتعليق بالعربية على راديو، بعيدا عن الاحتكار التعجيزي لشبكة قنوات "الجزيرة" التي أصبحت "بيين سبورت".تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت، لتفاجأ بكمية الصفحات الإخبارية السياسية والثقافية والاجتماعية الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية، والتي تأسست لتوجه نحو المواطن الفلسطيني في الداخل الإسرائيلي، والمواطن العربي في الأمصار الناطقة بالعربية، على شبكات التواصل الاجتماعي ستجد صفحات بالعربية لرئيس إسرائيل، ورئيس الوزراء، ومعظم الوزارات الإسرائيلية، وصفحة للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وصفحات فنية واجتماعية كثيرة، وكلها يشترك في متابعتها آلاف من المصريين والعرب، بدراية أو بدون وعي، انظر من فضلك لصفحة "إسرائيل بدون رقابة" أو "إسرائيل بالعربية" كي تعرف كمية المتابعين العرب، انظر لمدى انتشار موقع "المصدر" الإسرائيلي الناطق بالعربية، وكم يتابعه من المنتمين للوطن العربي.
المشكلة ليست في المتابعة بحد ذاتها، وإنما لأن كثيرا من المتابعين معجبون بالفعل بمحتوى وسائل الإعلام الإسرائيلية الناطقة بالعربية، والموجهة خصيصا لهم، والتي تهدف لاستقطابهم فكريا، وليس مخابراتيا، ونيل استحسانهم ومتابعتهم الدائمة، لا أتحدث عن المعالجة السطحية لهذه الإشكالية، والتي يعزوها كثير من السطحيين إلى تغلغل إسرائيل وتجسسها علينا عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وسقوط الكثير من شبابنا ضحية الفخ الإسرائيلي "الموسادي"، فالتجسس المخابراتي لم يعد بحاجة لهذه الوسائل الساذجة التي مازال إعلامنا يروج لها، (لعلك تتذكر الإعلان المصري الكارثي الذي تمت إذاعته بعيد ثورة 25 يناير عن الجواسيس الذين يتجولون في شوارعنا وكيف نقبض عليهم) القضية هنا تتمثل في أن دولة صغيرة انزرعت في قلب الوطن العربي، استطاعت منظومتها الإعلامية أن تتوغل وتنتشر وتنجح في توصيل رسالة ورؤية إلى المواطن المصري والعربي، وفي المقابل نجحنا نحن في كسر الرقم القياسي في الفشل الإعلامي الذريع، كل هذه القنوات والإذاعات والمواقع والصفحات والجرائد والمجلات والتطبيقات، وليس من بينها وسيلة واحدة ناجحة يمكن التعويل عليها كي تصبح وسيلة إعلام موجهة للجمهور الإسرائيلي.عشرات الآلاف من الشباب يتخرجون سنويا من الجامعات المصرية، يحملون شهادة الليسانس في اللغة العبرية وآدابها، وآلاف يحملون درجات الماجستير والدكتوراه في نفس التخصص، ولا تجد من بينهم من يتحدث العبرية بطلاقة سوى نذر يسير لا يُعد على أصابع اليدين سنويا، وحتى هؤلاء لا نستفيد منهم في بناء منظومة إعلامية موجهة، فيتجه هؤلاء المقهورون للعمل في أي مكان بعيدا عن تخصصهم، ومن يعمل في مجال تخصصه يتجه لمهنة الدروس الخصوصية للطلبة المستجدين في أقسام العبرية، أو يترجم من الصحف الإسرائيلية دون تعمق أو فهم واع لصالح جريدة أو موقع إخباري.
حتى الآن مازالت كثير من الجوانب في المجتمع الإسرائيلي غامضة بالنسبة لنا، وفي المقابل تدرك وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماماتنا واحتياجاتنا، فتذيع على قنواتها وإذاعاتها وتنشر على صفحاتها ومواقعها ما يجذب المواطن العربي من فنون وثقافة وأدب وأخبار، ونحن مازلنا نتحدث فقط عن العدو الإسرائيلي، الكيان الصهيوني، الاحتلال، دون تجديد خطاب، ودون التعمق في الشأن الإسرائيلي والواقع المعيش، ودون التوجه للجانب الإسرائيلي بإعلام بلغته.تتمثل خرافة الريادة الإعلامية المصرية في سياسات صفوت الشريف، وزير الإعلام المصري الأسبق، الذي جعل – وكل من جاء بعده -  من الإعلام المصري أضحوكة ومسخا، وفي فترة غابرة من الزمان كانت قناة النيل الدولية أحد المنابر الإعلامية الموجهة، والتي تتحدث بالإنجليزية، إضافة إلى جزء من إرسالها ناطق بالعبرية، فكان يظهر على الشاشة مقدمو نشرة إخبارية بالعبرية، طبعا لم تحقق التجربة نجاحا لأنها جاءت بشكل سطحي وضحل، رغم أن العاملين في هذا القسم معروف عنهم الكفاءة والطلاقة اللغوية العبرية، ومنهم من يعمل مترجما فوريا، ولأن التجربة فشلت تم إلغاء فقرة النشرة الإخبارية بالعبرية من قناة النيل واستبدالها بموقع إلكتروني إخباري مصري بالعبرية، وأزعم أنه لا يتابعه أحد من الجانب الإسرائيلي، ولا العاملين في مجال العبرية بمصر، ولم يتم تدشين هذا المشروع إلا لأنهم لم يجدوا مجالا مناسبا لهؤلاء العاملين المتميزين المتحدثين بالعبرية، باعتبارهم أولا وأخيرا "موظفين" حكوميين لا يمكن الاستغناء عنهم.وأؤكد مرة أخرى على مقدرة وتميز المتحدثين بالعبرية في ماسبيرو، فأنا أعرف بعضهم، إضافة لكثير من الشباب الخريجين من أقسام اللغات الشرقية واللغة العبرية بجامعات مصر، وأرى أنه يمكن الاستفادة من إمكانياتهم بمنهجية إعلامية محترفة، بدلا من توجههم للآخر ليتحدثون معه بلغته، وبدلا من ترك المجال مفتوحا للإعلام الإسرائيلي الموجه ليسيطر على عقولنا بلسان عربي مبين. 

Wednesday, June 04, 2014

لم يعد يحزن،

فقد تجرع مرارات الأحزان 
بما كفّى وزاد،
لم يعد يفرح،
فنصيبه من الفرحة 
قد باعه قسرا في مزاد،
ليشتري حفنة حب وصرة زاد.
يتقلب على جنبين،
يعيش في البين بين،
حيث تمتزج على لوحة حياته 
ألوان الأضداد.

Tuesday, May 27, 2014

الدولة اليهودية... وديمقراطية الاحتلال | نافذة لبنان

الدولة اليهودية... وديمقراطية الاحتلال | نافذة لبنان

محمد عبد الدايم – باحث وأكاديمي مصري


مقالي على موقع نافذة لبنان

في عام 1971 تم تدشين حركة “كاخ” اليمينة العنصرية على يد الحاخام المتطرف “مئير كهناه” الذي قدم إلى إسرائيل في نفس العام، وكلمة “كاخ” اختصار لـ”كهناه إلى الكنيست” ، ورفعت شعار “فقط هكذا”، واستهدفت إعلان إسرائيل دولة شريعة يهودية، وطرد الفلسطينيين من كامل أرضهم، ورفض حقوقهم المدنية والتاريخية، وبعد شد وجذب مع المجتمع ولجنة الانتخابات المركزية طيلة 13 عاما، فازت الحركة بمقعد واحد في الكنيست عام 1984 تقلده زعيم الحركة “كهناه”، ثم في عام 1988أعلنت لجنة الانتخابات المركزية في إسرائيل شطب الحركة مجددا من قائمة الأحزاب لأن برنامجها عنصري، وبعد مذبحة الحرم لإبراهيمي بالخليل على يد أفراد الحركة، أعلنتها إسرائيل تنظيما إرهابيا، وقبلها عام 1990 اغتيل “مئير كهناه” في نيويورك.
مئير كهنا وشعار حركته
مئير كهنا وشعار حركته
هذه المقدمة للإشارة إلى أن إسرائيل تحاول أن تنفض عن نفسها تهمة العنصرية، وأنها كما تعلن “دولة لكل مواطنيها”، لكن الواقع والتاريخ يؤكدان أنها دولة عنصرية في المقام الأول، تحتل أرضا، وتطرد أهلها، وترفض عودتهم، وتجبر من بقي فيها على التسليم بأنها “دولة يهودية وديمقراطية”، وإلا مصيرهم الطرد كغيرهم، والحقيقة أنها دولة احتلال ترفع قيم أبعد ما تكون عن المواطنة وحقوق الإنسان. ليس “كهناه” وحده هو العنصري المتطرف، بل كل قادة إسرائيل كذلك، فقد عبّر “كهناه” بشكل جلي عن التناقض بين اليهودية كدين والديمقراطية كفكر سياسي باعتباره إن إسرائيل لا يمكن أن تكون إلا دولة شريعة يهودية، ومن يرفض ذلك فلا مكان له فيها.
لم يكن الضغط الإسرائيلي على مسألة يهودية الدولة في جولة المفاوضات الحالية مع فلسطين أمرا جديدا، أو مفاجئا، فهذه المسألة إحدى أهم ركائز الخطط الصهيونية منذ تبلورت في المؤتمر الصهيوني الأول بسويسرا عام 1897، وبعد قيام إسرائيل وُضعت “يهودية الدولة” كأساس للمواطنة في فلسطين المحتلة، فقد ورد التأكيد على يهودية الدولة ضمن وثيقة إعلان قيام إسرائيل، التي صدرت عام 1948م، وفيها:
“فقد اجتمعنا، نحن أعضاء مجلس الشعب، ممثلو السكان اليهود في البلاد، وممثلو الحركة الصهيونية في يوم انتهاء الانتداب البريطاني على أرض إسرائيل، وبحكم حقنا الطبيعي والتاريخي بمقتضى قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، نعلن عن إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل هي دولة إسرائيل”.
وطيلة عقود، تقلد في معظمها اليمين المتشدد في إسرائيل مقاليد الحكم، ومن ثم المفاوضات مع فلسطين والعرب، تكرر حديث قادة إسرائيل عن ضرورة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وهذا الاعتراف بيهودية الدولة يعني بوضوح ضياع حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والتخلص من المواطنين الفلسطينيين في الداخل (عرب 48) ، في تناقض واضح لما تعلنه إسرائيل من أنها “دولة لكل مواطنيها”.
كما أن إسرائيل تهدف من وراء ترويجها لمسألة يهودية الدولة إلى جذب المزيد من اليهود في العالم إليها، والأبعد من ذلك أنها تهدف لإضفاء هالة من الشرعية على هدف صهيوني قديم، وبالتالي ترسخ لما تدعيه من شرعية تاريخية على أرض فلسطين، تواجه بها أي مسعى إيجابي يثمر جديدا في عملية السلام.
دولة يهودية
المثير في تمسك إسرائيل بمسمى “دولة يهودية” هو إرفاقه بالديمقراطية، لتعلن عن نفسها “دولة يهودية وديمقراطية”، وهو مسمى متناقض تمامًا مع بعضه، فكيف تكون دولة ما ديمقراطية وهي تجبر كل من يعيشون فيها على اعتناق فكر ديني واحد شريطة منحهم حقوق المواطنة، والأدهى من ذلك أنها تحتل أرضا وتسعى لإجبار أهلها على اعتناق فكرها ودينها الأحادي وإلا يكون مصيرهم الطرد من أرضهم التي وُلِدوا فيها وعاشوا عليها.
تعتبر إسرائيل إذن حالة استثنائية اعتمدت فيها الصهيونية كحركة استعمارية علمانية على الدين كحجة تاريخية لتبرير احتلال الأرض وطرد السكان ورفض عودة اللاجئين والتوسع في الاستيطان والسيطرة على القدس، وأقرب مثيل استعماري في التاريخ لهذه الحالة هو سلسلة الحروب الصليبية على الدولة الإسلامية، والتي رفع قادتها شعارات دينية لتزييف الحقائق واستعمار الأرض وطرد أهلها.
هذا الخلط الفاضح بين الدين والسياسة هو حجر الأساس الذي تستند إليها إسرائيل في وجودها على أرض فلسطين، اعتمادا على تزييف الحقائق باعتبار أن ما تحتله من أراض عربية، وما تسعى لاحتلاله، إنما هو جزء من “دولة مستقلة ذات سيادة أقيمت كدولة يهودية على أرض إسرائيل بفعل الحق الطبيعي والتاريخي للشعب اليهودي في أن يعيش مستقلا في دولته ذات السيادة”، وهذا التوصيف حددته المحكمة العليا في إسرائيل، ومازال التأكيد عليه حتى الآن في كل قرارات المحكمة العليا ومعظم التشريعات المتعلقة بالجنسية والهوية وقوانين الانتخابات وحرية العمل وغيرها، إذن فالمواطنة في إسرائيل حق لليهود فقط، سواء أن كانوا على الأرض أو خارجها كما قال “بن جوريون” عام 1950:
“ليست هذه الدولة يهودية من ناحية كون اليهود غالبية سكانها، إنما هي دولة اليهود حيثما كانوا، وهي لكل يهودي يريدها”.

اليهوديات المتدينات.. "نساء طالبان" يشكلن مستقبل إسرائيل | دوت مصر

اليهوديات المتدينات.. "نساء طالبان" يشكلن مستقبل إسرائيل | دوت مصر

تقرير مشترك لي منشور على موقع دوت مصر:

ملحوظة: تم حذف اسمي من على التقرير بعد خلافي مع المحررة، وبذلك سُرقت مني فقرات ووُضعت في التقرير دون ذكر اسمي، لكن أظل مشاركا في التقرير رغم أنفهم، علاوة على أنني نشرت جزءا منه في بحث بعنوان حجاب المرأة في اليهودية بين التشريع والتطبيق قبل نشر هذا التقرير بأكثر من عام ونصف.

إسرائيليات يرتدين الحجاب، تل أبيب (أرشيف) (photo: )





كتب: عرفة البنداري ومحمد عبد الدايم
   على مدى عقود، حظيت مسألة الحجاب في العالمين العربي والإسلامي باهتمام وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الغربية، وعلى الرغم من الإسهاب الغربي في الحديث عن حجاب المرأة المسلمة، واعتباره في أحيان كثيرة "انتهاكاً" لإنسانية المرأة وتعبيراً عن التخلف الاجتماعي، إلا أنه قليل ما تم التطرّق إلى "حجاب" المرأة اليهودية في إسرائيل وفتاوى الحاخامات بصدده، والذي يكاد يصل حد التطابق مع ما يفرضه متشددوا طالبان على التابعين لهم.

   ربما يكون مرد عدم التطرق إلى تنامي هذه الظاهرة في إسرائيل، الخوف من الالتصاق بتهمة "معادة" السامية" الجاهزة دائما، لكن صدور رواية "امرأة طالبان" لمؤلفها المحامي الإسرائيلي، يائير نيهوراي، فتحت الباب الموصد تجاه المتدينين الإسرائليين، وفتاواهم، ونظرتهم للمرأة وضوابط تنشئة الطفل، وهو مجتمع يعد صورة مطابقة لنظرة "حركة طالبان" الأفغانية للحياة.

كشف المستور
أثارت رواية "امرأة طالبان" ضجة عالمية، ما عده الكاتب نفسه اهتماما عن "المسكوت عنه في إسرائيل "التي تعد بالنسبة لمحيطها العربي تحديدا، مجتمعا مثاليا متقدما في كل شيء أو ربما هذا ما تسوقه إسرائيل عن نفسها.

في مقابلته مع موقع "والا" الإسرائيلي، يقول نيهوراي، إن ولوجه إلى "عالم المتشددين اليهود ونسائهن المنقبات" يعود إلى القصة التي أثارت الرأي العام والمتثملة في اعتقال أم منتقبة كانت تعذب أبناءها الـ12، وكان أحدهم يعاني إعاقة عقلية، وزجها بالسجن عقابا على جرمها لمدة 4 أعوام.

للوهلة الأولى قد ينظر إلى عنف هذه المرأة، الذي حوله نيهوراي إلى رواية، بأنه "حالة استثنائية" لا يجب إسقاطها على المنتقبات الإسرائيليات، لكن التحقيقات التي أجراها الكاتب لاحقا، لفتت إلى أن معاملة الأطفال مستند إلى فتاوى دينية من شأنها أن تهدد صحتهم النفسية مستقبلا، خاصة الإناث منهم.

يقول نيهواري: "إن ما جذبني هو التطرف الموجود في قصة تلك المرأة، لقد حاولت التعرف على ماهية النفس البشرية التي يمكن أن تنشأ في هذه البيئة، تفاجأت باهتمام والوسط العربي بهذه الرواية، على الرغم من تأكيدي في المقدمة على أن هذه القصة يمكن أن تحدث في أي مكان بالعالم ومع أتباع أي لكن الاهتمام العربي جاء نتيجة أنها شاهدة من جانب لم يتوقعوه..من جانب عدوهم".

المرأة "عورة"

تلقي رواية "امرأة طالبان" الضوء على العوامل النفسية والاجتماعية التي تقف وراء تنامي عدد النسوة المتشددات والمنقبات في إسرائيل، واللاتي يصل تعدادهنّ اليوم إلى 10 آلاف محجبة ومنتقبة.
ومن أهم العوامل التي أسهمت في ظهور شخصية "امرأة طالبان"، هي الفتاوى الدينية الموجودة في التوراة وكتاب التعاليم والشروحات المقدسة "التلمود". وبحسب النصوص الشرعية فإن " شعر المرأة عورة "، وكل من تخرج كاشفة عن شعرها فكأنها بذلك تعدّت على "دين موسى".

إلى جانب ذلك، أفتى الحاخامات المتشددون بضرورة تغطية المرأة اليهودية رأسها ووجهها تماماً، وأن لا يترك سوى حيز صغير لعين واحدة فقط، وشددوا على أنه لا يجوز للمرأة أن تمشى في الشارع أو حتى في فناء منزلها وهى حاسرة الرأس تماماً، فمن تكشف عن شعرها تتسبب بفاقة أهلها وفقرهم.

كما أن ظهور امرأة حاسرة الرأس أو سماع صوتها أثناء أداء الصلاة يبطلها. لكن رجال الدين اليهود استثنوا الفتاة العزباء من فتاواهم حتى يتسنى لها الزواج، فلا لا بأس أن تخرج حاسرة الرأس للترغيب بها.

الاختلاط حرام
يزداد عدد المحجاب والمنقبات اليهوديات في أوساط المستطونات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية، إذ أن السياسة الإسرائيلية تتعمد إرسال هؤلاء المتشددين إلى هذه المستوطنات معتمدة على ولائهم الديني في مواجهة الولاء الوطني لدى الفلسطينيين.

وفي مستوطنة "بيت شميش" في القدس، شكل اليهود الأرثوذكس ما يشبه "الجيتو" داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وسنوا قوانين وشرائع في تنظيم شئونهم.

فمثلاً، في هذه المستوطنة يفصل الحافلات إلى قسمين، الأمامي للرجال والثاني للنساء، و حتى بلغ الأمر بـ"الورعين" فصل منازلهم إلى غرف للذكور والإناث منعاً للاختلاط، ويحظر على النساء الكلام "لإن صوتهنّ عورة وفاتحة للنميمة وكلام السوء"، إضافة إلى أنه يمنع مشاهدة الأفلام في تلك المستوطنات.

كما أن فتاوى الحاخامات وصلت إلى حد التطرف بمنع النساء الاستحام أمام "حائط" والاغتسال فقط داخل خيمة تنصب داخل المنزل، إضافة إلى منعهنّ من تصفح الإنترنت وسماع الأغاني أو الغناء وارتداء البنطال، حتى أن بعضهم يحظر التعليم على الإناث ويقصره على الرجال فقط.

"يهودة" الدولة

تنامي ظاهرة "جيتو" المتطرفين اليهود، طرحت تساؤلاً جديّاً حول تأثيرهم على إسرائيل في المستقبل، ودورهم في تمكين مشروع "يهودية الدولة".

وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإن اليهود المتشددين يحتلون 40% من المناصب الحكومية في إسرائيل، وقرار تجنيد "الحريديم" وغيرهم من الطوائف الأرثوذكسية سيجعلهم يشكلون 40% أيضاً من الجيش، ما يمنحهم نفوذاً كبيراً يعرف الحاخامات كيف يوظفونه ويستغلونه لتحقيق مصالحهم.

لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، إذ إن تزايد نسبة المواليد لدى هذه الفئة ثلاثة أضعاف نظرائهم في إسرائيل. ووفقا لدراسة إحصائية أجرتها الجامعة العبرية بالتعاون مع جامعة بوسطن الأمريكية، فإن نسبة الزيادة الطبيعية لدى مجتمع الحريدي تصل إلى 4- 5%، أي أن الحريديم يضاعفون أنفسهم كل 18 عاما تقريبا.

وأشارت الدراسة إلى أن معدل ولادة المرأة الحريدية في الفترة منذ مطلع الثمانينيات إلى مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وصل إلى 15%. وأن المرأة الحريدية تساوي ثلاث نساء من الإسرائيليات غير المتدينات في معدل الإنجاب، ما يعني تحول إسرائيل إلى دولة دينية متطرفة على مدى المستقبل البعيد.

ويتفق مع هذة النتائج الباحث الإسرائيلي في جامعة حيفا، أرنون سوفير، الذي يحذر من أن الحريديم واليهود الأرثوذكس سوف يصبحون القوة الأكبر في إسرائيل بحلول عام 2030.

المجال الحيوي

كما يتوقع بحث سوفير، أن يصل تعداد الحريديم بحلول عام 2030 إلى أكثر من مليون شخص، خاصة في ظل الزيادة الطبيعية لدى الحريديم، والتي تتراوح بين 6- 7%، ما يعني أن إسرائيل ستجد نفسها أمام ثلاثة سيناريوات، الأول يتمثل في خضوع القطاع العلماني للعادات والتقاليد الحريدية، صهر القوى العلمانية الإسرائيلية لنفسها في بوتقة واحدة لمواجهة التيار الديني الصاعد.

أما السيناريو الثالث فقد يشهد تراجع الديمقراطية الإسرائيلية في مقابل القوى المناهضة للديمقراطية، إضافة إلى اتجاه القيادات المحركة للمجتمع الحريدي إلى ضم أراضٍ خاصة للفلسطينيين من أجل استيعاب هذه الزيادة الطبيعية في تكرار بائس لنظرية "المجال الحيوي" العنصرية.

الحقيقة وأنا / طال نيتسان

شعر: طال نيتسان

ترجمة من العبرية: محمد عبد الدايم
منشورة على موقع الكتابة الثقافي:


الحقيقة وأنا نشترك في شقة

بما أنني دخلت قبلها

فحجرتي أكبر من حجرتها،

 بما أنني أتأخر في النوم،

 وهي تُبكِر في القيام من فراشها

فنتقاسم كل يوم فقط

ثماني ساعات. نصفها

ظلام، ونصفها نور.


أحيانا في الصباح

تشتاق لإيقاظي،

تتردد على عتبة حجرتي بينما

أنا دائخة أسقط من حلم

إلى حلم إلى حلم، ويدها الصغيرة

المضمومة كي تنقر (على الباب)

تُلقي على بابي ظلا مُرتعشًا

يشبه عصفورا أسودا.


طال نيتسان - Tal Nitzán טל ניצן


     شاعرة ومحررة ومترجمة إسرائيلية، وُلدت في يافا، وترعرعت في بيونس آيرس ونيويورك، وتعيش حاليا في تل أبيب، أصدرت ستة دوواين شعرية بالعبرية، وكتابا للأطفال، تُرجِمت قصائدها لنحو 20 لغة، تترجم كثيرا من الأدب الأسباني، وتحرر مجموعة من الدوريات والمجموعات الأدبية. ونالت جوائز إسرائيلية وعالمية.   

Wednesday, April 30, 2014

آسفين يا ريس

أنا آسف يا ريس

أنا آسف يا ريس الاعتذار الشهير للرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، أقدمه له عن طيب خاطر واقتناع، لا لأننا خلعناه، أو تخيلنا أننا فعلنا هذا، ولكن لأن بعض الأصوات تعتبر أن ما يجرى في مصر الآن عودة لنظام مبارك، وأنا أرفض ذلك وأعتذر لمبارك ونظامه.
فنحن أمام نظام أكثر تخلفا، أكثر همجية، أكثر براعة في القمع والكبت والتعذيب والإهانة والفاشية السلطوية، نحن أمام نظام لديه هيستريا التدمير والإبادة، ليس تدمير الإخوان، فهم يخربون بيوتهم بأيديهم، ولكن تدمير المجتمع المصري بكامله، أو ما تبقى منه.
أنا آسف ياريس، ففي عهدك كنا نكن قدرا من الاحترام للمعارضين، ونتعاطف معهم، وندافع عنهم في مواجهة جبروت نظامك، والآن المعارضون "معرضون"، اتضح أنهم مجموعات من حثالة المجتمع، تتدثر بأسمال رثة وبالية من القيم المنحطة، يتفاخرون الآن بالوقوف خلف قادة الجبروت والطاغوت، يبيعون ما تبقى من حيائهم، إن وُجد، ليبتغون مالا ونفوذا في دولة الفاشيين الجدد.
آسف يا ريس لأنه في عهدك تصدرت مسيرات كفاية عبد الوهاب المسيري، والجمعية الوطنية للتغيير كانت أملا وحلما، والآن ابتلينا بقوادين في كل الجماعات والأحزاب والحركات المنحطة.
آسف يا ريس ففي عهدك لم تصل الدعارة الإعلامية لهذا الحد، لم تكن جميع الإذاعات والقنوات والصحف صفراء إباحية في عهدك، والآن أصبحت كل وسائل الإعلام تعبر فقط عن وجهة نظر قواديها وعاهراتها الذين يسجدون نفاقا وخوفا وطمعا لإلههم الجديد، ويطئون بأرجلهم كل القيم الإنسانية والاجتماعية.
آسف يا ريس لأن عهدك لم يكن عهد الطغيان الأعظم لجهاز الشرطة، ولم يكن كل هؤلاء الآلاف في المعتقلات والسجون، بل أقل قليلا،  آسف يا ريس لأن القضايا والأحكام في عهدك كانت تُلفق بقدر من الحنكة والذكاء، ولم تكن أحكاما بالعقاب الجماعي، كانت مجرد محاولة للظلم، نجحت إلى حد كبير،  والآن أصبحت شعارا ولواء،  تُلقى جزافا وتجرف البريء مع الجاني إلى الهاوية بأحكام تزلزل موازين العدالة.
آسف يا ريس لأن الإخوان في عهدك كانوا مجرد جبهة معارضة تتلحف بالتقوى والإيمان، والآن هي مجموعة إرهابية متخلفة لا تبغي إلا السلطة وتدمير مصر التاريخية والاجتماعية والسياسية والجغرافية، كانت  جماعة تدعي أنها تسعى للتغيير السلمي والإيجابي، والآن هي جماعة منحطة أخلاقيا وسياسيا.
آسف يا ريس لأن كلابك لم يكونوا بهذا القدر من السعار، والآن كلاب الحكام الجدد أكثر سعارا من كل الطوارد وآكلات اللحم الحي وآكلات الجيف.
آسف يا ريس فلم يكن من يدعون التدين من الجماعات الإسلامية بهذا القدر من العُهر، كانوا على مقياس 9 من 10، والآن قد تخطوا مقياس 20 من 10.
آسف يا ريس لأن القوانين في عهدك كانت تُسن وتُقنن لقدر من السرقة والفساد والديكتاتورية لا يساوي شيئا مما تساويه قوانين وقواعد اليوم.
آسف يا ريس لأنه في عهدك وفي قمة جبروت كلابك وضباعك لم يحدث أن صدرت قوانين أو أحكام كقانون التظاهر الحالي الذي وُضع فقط للقبض على أربعة شباب في النهاية، وحكم محكمة يحظر حركة معارضة، ففي عهدك لم يخرج حكما بحظر كفاية أو الجمعية الوطنية للتغيير أو 6 إبريل.
آسف يا ريس لأنك لم تكن الأكثر فسادا وطغيانا وجبروتا وغباء. من يسيرون على دربك القذر قد تخطوك في كل المناحي، ومع ذلك هناك من يعتبر أن هذا عودة لنظامك، ولكن تبت أياديهم وانعقدت ألسنتهم وشُلت أرجلهم وثكلتهم أمهاتهم، فالنظام الحالي لم نرى مثله قذارة وفاشية ودناءة.
آسفين يا ريس.