انتظريني
أسمع صوتكِ من بعيد
عبر الفلاة،
عبر السهول
عبر البحور
أسمع صوتكِ من هناك؛
عبر غابة الوحوش الآدمية،
أسمع صوتكِ
تنهيدتكِ
أنينكِ
تلفظ مهجتكِ اسمي،
فينخلع فؤادي من صدري
عازماً على القدومِ إليكِ
****
مرت عصورٌ
منذ تلاقت العيون
للوهلة الأولى
وزرعت النظرات الحائرة
في النفوس الشعور
****
رحلتِ إلى بلاد الأعاجم
دون مقدماتٍ
دون وداعٍ
لبثتُ في كهفي سنيناً
وازددت عمرا،ً
وأملي باسط زراعيه بالوصيد،
لو اطلعت عليَّ يومها
يا ابنة قلبي؛
لوليتِ نحوي حباً
ومُلِئتِ مني شوقا،ً
ما امتلك فارسك من زاده
إلا قليلاً؛
سيفٌ مكسور،
في نفس جرداء
عشقي مبذور،
قلبي كمداً مدحور،
توارى
خلف قضبان الصدور.
****
دفنتُ رأسي في التراب
خشيتُ الظهور،
وقفتُ خلف الكواليس؛
عزفتُ الترائي
هجرتُ النور.
****
" تخليتُ عنكِ"
أتقولين؟!
ربما؛
لكن يا ريحانة عمري
أدمت القيود يديَّ،
تجمعت حولي الشرور،
انهالت على لحمي
مناقير الصقور.
تقطعت بي السبل إليكِ
انهارت في طريقي الجسور،
غير أني لم أنس يوماً
أنينكِ
يهدر في أذنيَّ
عبر العصور،
كفي ما زال قابضاً
على حبات عقدكِ المنثور،
جمعتها يوم رحيلكِ
حين سباكِ
نواب الفجور.
****
ها قد أفقتُ من سباتي،
نفضتُ عني غبار الماضي،
قمتُ
بعدما اندثر جسدي
في القبور،
دفنتني أيامي حياً،
في وجهي
أغلقتْ المهرب والثغور،
محتْ الأحزان ذاكرتي،
لكنها أبداً لم تمح من قلبي
حبكِ الطهور.
****
سأشد الرحال،
أعبر الصحاري،
أجتاز البراري،
سأطوي الريح في عباءتي،
سأوفي ما عاهدته معكِ
من نذور،
فانتظريني؛
انتظريني؛
فمهما طالت سنون الجفاف
غداً
سيهطل مطر الحبور.
محمد هندام ، الثلاثاء 3/8/2010