Thursday, October 04, 2012

إسرائيل كدولة عربية


سلمان مصالحة يكتب: إسرائيل كدولة عربية
مقال منشور في صحيفة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ 23/ 09/ 2012
                   ترجمه من العبرية إلى العربية: محمد عبد الدايم هندام
                                    
يتناول كاتب المقال قضية التفرقة بين اليهود والعرب في الداخل الإسرائيلي واستخدام إسرائيل للسلطة للتدخل في المنظومة الإعلامية بشكل فج يشبهه بما يحدث في الدول العربية ذات الأنظمة الشمولية، كما يتطرق لقضية أسرلة (من إسرائيل) فلسطيني إسرائيل.

رابط المقال:

منذ سنوات طوال؛ حينما كنتُ طالبا في المدرسة الثانوية، اكتشفتُ أن إسرائيل هي في المُجمل دولة عربية أخرى في المنطقة، على الأقل فيما يتعلق بتعاملها مع المواطنين العرب فيها، ومنذ ذلك الوقت وأنا متمسك برأيي، واحتقرتُ الأنظمة في البلاد العربية وتغيرت بالتالي علاقتي بإسرائيل العربية.
في العالم العربي؛ خلافا لما يجري في إسرائيل اليهودية الديمقراطية، لا يتحدثون عن أزمة الصحافة في العصر الرقمي، في هذا السياق؛ لا يلعب اقتصاد السوق أي دور في هذا الشأن على الإطلاق، وأغلب الصحف العربية ، سواء التي صدرت قبل "الربيع" (أي ما يسمى الربيع العربي) أو بعده، تتلقى دعما ماليا حكوميا، وتشكل بوقا للسلطة، وهنا على سبيل المثال حينما جاء في الجوار زعيم جديد في مصر حدث أن تم تغيير محرري الصحف، المسألة بسيطة للغاية.
أنا مضطر لاستعارة مُسمى"إسرائيل العربية"، في أعقاب الدعوة التي نشرها قسم البرامج العربية في الإذاعة الإسرائيلية، وفيها يطلب أن يُقدَم له اقتراحات بأفلام وثائقية بمناسبة يوم الاستقلال (ذكرى نكبة فلسطين) الخامس والستين لدولة إسرائيل، وقد جاء في الإعلان أن الأفلام يجب أن تكون "متوافقة مع أهداف البث الجماهيري بالعربية". لم نتعلم أن البث الإذاعي الجماهيري "بالعربية" له أهداف خاصة مختلفة، ووردت المواضيع المطلوبة بالتفصيل على موقع الإذاعة، وهي: "القدس - المدينة التي تجمعنا معا" و"إسرائيل كدولة هجرة". وإذا كان أحد لديه أي شك؛ فإليكم عنوان آخر يضمن وجود أفلام جذابة: "إسرائيل تريد سلاما" و"مشاهير الإسرائيليين واليهود"، والذي يحكي للمشاهد العربي عن إسهاماتهم للبشرية. بل إن الإذاعة تبحث عن أفلام تعرض "مواقع تاريخية في الأرض المقدسة والارتباط الإسرائيلي بها". هذا كي لا يأتي أحد ما، حاشا لله، ويحكي عن مواقع مهمة للعرب، حتى إذا كانوا مواطنين "متساوين في الحقوق"، مثل مقال الدعاية الصهيونية، والفيلم المُنتج أيضا من المفترض أن يتناول الحديث عن المسجد الأقصى، أو عن مدينة الرملة في عصر الدولة الأموية - والآن إلى أين نحن متجهون؟
"إسرائيل العربية"، هذا ما اكتشفته في مرحلة المدرسة الثانوية، لا تختلف كثيرا عن إسرائيل اليوم، فقد أتخمونا لسنوات في المدرسة بأشعار استقلال إسرائيل، باعتبارنا تلاميذ عرب اضطررنا لأن نغني بمناسبة يوم الاستقلال (النكبة) أغان تمجيد لدولة إسرائيل، وهاهي ترجمة بتصرف للأسطر المحفورة تماما في ذاكرة أبناء جيلي: "في عيد استقلالنا صدحت العصافير بالغناء. وغمرت السعادة أرض الوطن - سواء في السهل أو في الوادي - سواء في القرية أو في المدينة". وبطبيعة الحال صفقنا في جميع الأنحاء، سواء في السهل أو في الوادي، حتى حكمتنا السلطة العسكرية.
شارك معلمون ومشرفون عرب في البرامج الدراسية، ولكن في الحقيقة لم يكن تعيين السلك التدريسي مسئولية المنظومة التربوية المدنية، وإنما مسئولية المنظومة الأمنية التي تقف خلف القلاع وتسمح أو ترفض التعيينات، وكل هذا كي "كي تعلم كل أم عربية أنها أودعت مصير حياة أبنائها في أيدي المُعلمين الأصلح لهذا الأمر" أتمنى لتلك الأيام أن تمر بلا عودة.
كما أنني أخطأتُ حينما كتبتُ قصائد في المرحلة الثانوية. كنتُ أراسل البرامج الأدبية في إذاعة صوت إسرائيل بالعربية، وكانت القصائد مقروءة. وذات يوم تلقيتُ خطابا من الإذاعة، وفيه طُلب مني أن أؤلف قصائد لتُلقى بمناسبة يوم الاستقلال (النكبة)، وهكذا اكتشفتُ "دولة إسرائيل العربية"، وهكذا انقطعت العلاقة بيننا.
حينما أقرأ مقترحات الأفلام التي تطلب شبكة الإذاعة إنتاجها الآن أثق أنني لا أخطئ بقولي أن: "إسرائيل العربية" ما تزال حية وتركل. حان الوقت كي تنتهي هذه التهديدات السلطوية المماثلة للسلطوية العربية.

No comments:

Post a Comment