محمد عبد الدايم
منشور على موقع بانوراما الشرق الأوسط:
بانوراما الشرق الأوسط: عن الحرب الإسرائيلية على غزة: ليس باسمي
منشور على موقع بانوراما الشرق الأوسط:
بانوراما الشرق الأوسط: عن الحرب الإسرائيلية على غزة: ليس باسمي
في خضم الحرب الإسرائيلية المستعرة على قطاع غزة
المحاصر، تعلو أصوات بعض المثقفين والأدباء الإسرائيليين لتعارض هذا العدوان
الفاشي المعتاد، والذي يسمى هذه المرة "الجرف الصامد"، ومن بين هذه
الأصوات الشاعرة والمترجمة والمحررة "طال نيتسان"، التي تدافع كثيرا عن
حقوق الفلسطينيين، وتنادي بالسلام والتعايش بين الشعبين، وحاليا ترفع – هي ومجموعة
كبيرة من المثقفين الإسرائيليين- شعار "ليس باسمي"، أي ليست هذه الحرب
الإسرائيلية على غزة باسم كل مواطني إسرائيل كما تروج الحكومة اليمينة بقيادة
"نتنياهو".
السطور التالية رسالة من "طال نيتسان"
إلى شاعر فلسطيني، عنوانها "رسالة إلى صديق
فلسطيني" تتضامن فيها "طال" مع الشاعر وعائلته وشعبه في
مواجهة القصف والقتل والكره والدمار، تحكي له عن معاناتها وخوفها اليومي من صواريخ
القسام التي وصلت إلى مدينتها، هذا الخوف الذي لا يقارن بما يعانيه الشاعر الفلسطيني وعائلته،
وتتصور بألم محاولاته لحماية ذويه، ومن بينهم حفيدته التي سماها "طال"
على اسم الشاعرة.
طال نيتسان
رسالة إلى صديق فلسطيني
بقلم: طال نيتسان
ترجمة: محمد عبد الدايم
أكاديمي وباحث مصري بجامعة المنصورة
مقدمة
الخطاب:-
هذا الأسبوع، نستيقظ على قتل أربعة مراهقين، وآلاف الغزاوية الذين لقوا مصرعهم على يد القوات
الإسرائيلية، وفي المقابل جُرح مدنيون إسرائيليون وتهدمت منازل بفعل صواريخ حماس.
طال نيتسان، مؤلفة
المجموعة الشعرية "في نهاية النوم"، تعيش في تل أبيب، لها نشاط طويل في
حركة ضد الاحتلال، تراسل الشاعر الفلسطيني، وتبادلت
"طال" الرسائل معه مجددا هذا الأسبوع، ونشرت ردها
الأخير المعبر عن القلق.
صديقي العزيز؛
"إنه اليوم الرابع للحرب بين دولتي ودولتكم – إذا كان قطاع غزة المُعذب يمكن أن يُطلق عليه دولة- الحرب التي تقوم بها حكومتي وحماس، ويدفع الثمن الشعب الإسرائيلي والفلسطيني، ولا تبدو النهاية على مرمى البصر، أنت كتبتَ أنك تصلي من أجل السلام والأمن لكلا الشعبين، ولم تنس أن تصلي من أجلنا، رغم أن ترزح تحت القصف الإسرائيلي، أما أنا فلا أعرف كيف أصلي، ولا توجد كلمات تصف الآن مدى ألمي وغضبي وقلقي.
"إنه اليوم الرابع للحرب بين دولتي ودولتكم – إذا كان قطاع غزة المُعذب يمكن أن يُطلق عليه دولة- الحرب التي تقوم بها حكومتي وحماس، ويدفع الثمن الشعب الإسرائيلي والفلسطيني، ولا تبدو النهاية على مرمى البصر، أنت كتبتَ أنك تصلي من أجل السلام والأمن لكلا الشعبين، ولم تنس أن تصلي من أجلنا، رغم أن ترزح تحت القصف الإسرائيلي، أما أنا فلا أعرف كيف أصلي، ولا توجد كلمات تصف الآن مدى ألمي وغضبي وقلقي.
أفكر في صوتك الوحيد،
المدافع بشجاعة ودون توقف عن السلام واللا عنف، في وجه نظام لا يتعاطى مع مثل هذه
الآراء، وأنا أفكر في الثمن الذي دفعتَه، مصيرك المجهول واضطهادك وقمعك بالتناوب
على يد حماس تارة وجيش "الدفاع الإسرائيلي" تارة أخرى، أفكر في الخيار
القاس الذي اضطررتَ لاتخاذه، أن تظل مع عائلتك أو أن تنجو بحياتك.
لا أستطيع أن أفكر في أنك تنتمي لشعب آخر، بالنسبة
لي أنت شعبي، دون أدنى شك، وليست مجرد عبارة أقولها: أنك أخي بطريقة أكثر طبيعية
ووضوحا، فأنت تشاركني معتقداتي الأساسية، وتتحدث لغتي العميقة.
كتبتَ إليّ اليوم :"نحن بحاجة إلى أصوات المثقفين
الإسرائيليين، هذه الأصوات التي لم تفقد بعد جوهر القيم الإنسانية والنُبل، نحن
بحاجة إلى صوت العقل من كلا الجانبين، والكلمات
التي يمكن أن تلغي الحواجز بين شعبينا"
أعدُكَ أن تصدح هذه الكلمات هنا، وتُكتب وتُنشر،
وتصيح بها في المسيرات نفس الأصوات التي دوما ما تتحدث ضد الاحتلال المتواصل
لفلسطين، وضد سياسة الحرب الإسرائيلية، والعدوان بدلا من السعي نحو السلام. أصوات
مثلك كثيرا، تحاول أن تكسر هذه الحلقة المفرغة من المعاناة واليأس، الأصوات التي
يصعب سماعها الآن تحت القصف وصرخات التحريض، وبشكل مأساوي، تنتشر الكراهية،
والخوف، والانتقام، بشكل أسرع بكثير، مثل النار.
لقد وصلت صواريخ حماس إلى مدينتي، على مدى ثلاثة
أيام أستيقظ علي أصوات الإنذار
والتفجيرات، وارتجاج النوافذ، لكن عائلتك
في خطر دائم ومميت كل يوم وكل ساعة، غزة مُهددة بانقطاع الكهرباء، ولكني أشعر أنني
أكتب إليك من قلب الظلام، غير أنني لا أفقد أملي في أنني وأنت وأطفالي وأطفالك
وحفيدتك "طال"* سوف نخرج جميعا من أوقات المرض والظلام، ونعيش الحياة
التي نستحقها، إنه التفاؤل الذي لا ينضب، الذي يمنحني الأمل.
أنا أتمسك بهذا الضوء
كل تفكيري فيك.
طال".
*حفيدة الشاعر سماها
"طال" على اسم الشاعرة.
No comments:
Post a Comment