Saturday, May 20, 2017

قنص الأحلام

ألقموني بندقية صيد

من طراز وينشتر

غير معدلة،

وأطلقوني في البرية

وأمرني الرجل الصارم

أن أنطلق بحيوية،

وأصوب بجدية،

بعد أن أوجه له التحية..

 

وأنا لم أتجند في العسكرية،

وحيد أبي وأمي،

ومات أبي قبل أن تحمل أمي

بأخ لي كذرية.

 

كيف أنطلق في البرية

وحذائي ضيق

مأكول النعل

وإصبعي يخرق مقدمته

ويئن؟!

 

وأنا لم أمسك سلاحا قط

سكينا أو بندقية،

وعيناي لا ترى في الظلمة العاتمة،

وعويناتي ليست مؤهلة

للرؤية الليلية.

 

أطلقوني في البرية

بأمر صارم بعد التحية،

جبرني زميل من السرية،

منحني خلسة 

شحاطة

تركها شيخ كبير

على باب مسجد

بعدما ركع وسجد لآخر مرة

دون أن تبصر عيناه

خر واقعا بجانب عصاه 

غير السوية.

 

كيف أجري بشحاطة مقاسها كبير

ونعلها تتزحلق

على الأرض الملساء

والخشنة والمستوية؟!

 

وتراب البرية

طين مروي بإنسانية.

 

لم أر ليلا

لافتة تحذر من اللغم

لم أعلم بأمر التمساح الهارب من البركة

يجوب الأرض بحثا عن وليمة مسائية.

 

ألقموني بندقية

والحلم هدف متحرك بانسيابية

يعرف طريقه في الظلام 

وفي النور

عبر الثرى

وفي الجحور.

 

والأحجار المتصادمة لا تشعل شرارة

أو تهزم تمساحا هاربا

لا تقنص حلما

ولا تعمل كالبندقية.

 

أنشبت الريح

وصرير الأوراق يئز

ترسم خطوطا دامية

في الجبهة المحنية.

 

أطلقت طلقة

خدشت جذع شجرة عجوز،

رمقتني بحزن دامع يليق بجدة،

تبكي عقوق الأبناء والأحفاد.

 

أطلقت الثانية

فشقت عنان السماء 

وهربت بلا رجعة،

 والحلم هارب

والقائد صارم

والرفاق يتساقطون

وأبحث فقط

عن رقعة سوية

ترتمي فوقها جثتي

دون أن تراها عين تمساح

إلا بعد أن تصعد الروح.

 

انخلعت الشحاطة

وتقرحت القدم

والحلم بعيد

لا يدنو

لا يبدو قريبا

لا يبدو رمية.  

*قنص الأحلام: عنوان رواية تأليف طاهر البربري.

No comments:

Post a Comment