Sunday, August 20, 2017

مستقبل نتنياهو: مصير أولمرت أم صحوة الموت للمعارضة


بقلم: محمد عبد الدايم
منشور على موقع شبكة رؤية الإخبارية، اضغط هنا للانتقال

     يتصدر المستقبل السياسي لرئيس الحكومة ورئيس حزب «هاليكود» (التكتل) الحديث الدائر في إسرائيل حاليا، فعلى مدار اللحظة تخرج تقارير إعلامية إسرائيلية تتحدث عن مساعي محققي الشرطة الإسرائيلية للخروج بلائحة اتهام بالفساد ضد «نتنياهو»، وربما زوجته «سارة» وابنه «يائير» كما أشرنا في التقرير السابق يائير نتنياهو على درب والديه، في الوقت الذي تحاول المعارضة الإسرائيلية أن تتشبث بالفرصة لإسقاط «نتنياهو» وحكومته، تحت مبررات عدم إمكانية ترك زمام الدولة له في خضم هذه المستجدات، ففي الشهر الماضي قدم حزب «يش عاتيد» (يوجد مستقبل) بزعامة «يائير لابيد» طلبا لسحب الثقة من حكومة «نتنياهو» بذريعة مفادها أن: "رئيس الحكومة غارق في التحقيقات ولا يملك تفويضا أخلاقيا وجماهيريا باتخاذ قرارات مصيرية لإسرائيل بما أنه توجد مخاوف حقيقية من قيامه باتخاذ قرارات حاسمة مبينة على المصلحة الشخصية لبقائه السياسي وليس على أساس المصلحة الوطنية. فالأمر الصحيح الذي يجب القيام به حل الحكومة"، كما قدم نواب «المعسكر الصهيوني» }تكتل أحزاب معارضة على رأسها حزبي «هاعفودا» (العمل) و«كاديما» (إلى الأمام){ طلبا آخر لسحب الثقة للسبب نفسه باعتبار أن حكومة «نتنياهو» تهتم بالمقربين وليس المواطنين الإسرائيليين، أما حزب «ميريتس» (طاقة/ نشاط) اليساري فقدم طلبا لسحب الثقة تحت شعار "رئيس حكومة قيد تحقيقات".

تضييق الخناق حول نتنياهو وترقب المعارضة
     حتى اللحظة لم تفلح مساعي المعارضة- مجتمعة أو منفصلة- في إسقاط «نتنياهو»، رغم أن وسائل الإعلام تتحدث عن قرب تقديم لائحة اتهام بحقه تتعلق بقضيتين شبه محسومتين، الأولى هي قضية العطايا التي تلقاها وأسرته من رجال أعمال، والثانية هي قضية جريدة «يديعوت أحرونوت» والتي كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تفاصيلها، ومفادها أن «نتنياهو» اتفق مع «أرنون موزيس» ناشر الجريدة على أن يحد الأول من انتشار جريدة «يسرائيل هايوم» التي تُوزع مجانا في مقابل أن تتوسع  «يديعوت أحرونوت» في تلميع نتنياهو وأسرته ووقف هجومها عليهم.
     إلى الآن لم تثلج لجان التحقيق صدور المعارضين لنتنياهو وتصدر لائحة اتهام قوية بحقه أو بحق أسرته، فيما يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي صامدا، لأن حكومته ما تزال في ظهره، ولا يبدو أن أحدا من أحزاب الائتلاف يجد مصلحة في إسقاط هذا التكتل اليميني- الحريدي، على غرار ما حدث في الولاية الثالثة لنتنياهو، ففي ردها على مطالبته بالاستقالة؛ صرحت وزيرة القضاء الإسرائيلي «أييلت شاقيد» (عن حزب هابيت هيهودي) أنه لا يتعين على رئيس الوزراء الاستقالة حتى لو صدرت بحقه لائحة اتهام، بل في حالة إدانته رسميا فقط، فيما قدم حزب «هاليكود» طلبا للتحقيق مع «يتسحاق هرتزوج» (عن المعسكر الصهيوني) و«يائير لابيد» بسبب إدعاء انتفاعهما على خلاف القانون من «موزيس» ومعه «شلدون أدلسون» ناشر صحيفة «يسرائيل هيوم»، فيما تبدو محاولة من حزب رئيس الوزراء لقلب الطاولة على المعارضين الذي تجمعوا لنهش «نتنياهو» وإسقاطه سياسيا.
صمود اليمين في الحكومة الإسرائيلية
     لا يبدو «نتنياهو» – حتى اللحظة- صامدا فحسب، بل وكأنه يستهين بالمعارضة، ويصرح أن الأمر لا يعدو كونه هجوما ممنهجا ضده وضد عائلته، ربما لأن وضع ائتلافه الحالي أفضل بكثير منه في ولايته السابقة، فرغم أنه في حلف سياسي مع أحزاب دينية وحريدية متشددة بينما هو علماني؛ فإن الأيديولوجية اليمينية التي تستند إليها حكومة نتنياهو الحالية تجعل الوفاق بين أحزاب الائتلاف سلسا، فالمؤشرات الواضحة تشير إلى أن تحول إسرائيل نحو الدولة الدينية يسير بخطى أسرع من ذي قبل، وعلى هوى الأحزاب الدينية والحريدية، ويبدو صوت الجماعات التي يطلق عليها "القومية" مسموعا، خصوصا فيما يتعلق بالجدل حول يهودية الدولة.
صحوة اليسار الإسرائيلي
     فيما يحاول اليسار الإسرائيلي لملمة أشلائه التي تبعثرت بعد أن شاخ حزب هاعفودا (العمل)، وتراجع بانهزام كبير أمام سيطرة اليمين بتفريعاته، مما جعله يضطر إلى تكوين تكتل «المعسكر الصهيوني» الذي يحظى بـ 24 مقعدا بالكنيست الحالية، في مقابل 30 لصالح «هاليكود» وحده.
     جاء فوز «آفي جفاي» مؤخرا برئاسة حزب «هاعفودا» مفاجئا إلى حد كبير، ليس لأنه أقصى «عمير بيرتس» الذي كان مدعوما باتحاد النقابات العام (هاهستدروت)، بل لحداثة انضمامه للحزب، حيث لم يكن عضوا قبل عام 2016، وقبلها خاض تجربة قصيرة في حزب «كولانو» ( كلنا) بزعامة «موشيه كحلون» لم تسمح له بأن يكون ضمن مرشحي الحزب للكنيست آنذاك، غير أنه تولى حقيبة البيئة في حكومة نتنياهو عام 2015، وما لبث أن استقال منها عام 2016، بعد تقلد «أفيجدور ليبرمان» وزارة الحرب (الدفاع)، لينضم بعدها لـ«هعفوداه» ويصبح في يوليو الماضي رئيسا للحزب.
     هذا الصعود السريع والمفاجئ لـ «آفي جفاي» منح بعض المعارضين أملا في أن يكرر تجربة «يائير لابيد» المذيع التلفزيوني الذي أصبح رئيسا لحزب ونجح بعد أول انتخابات يخوضها في مزاحمة «هاليكود» وتكوين ائتلاف معه،  وحاليا تمتلك كتلة حزبه «يش عاتيد» 11 مقعدا بالكنيست.
معركة اليسار ليست مع نتنياهو وحده

     يأمل أنصار «هاعفوداه» وبعض المعارضين أن يكون «جفاي» هو النجم الجديد، الذي سطع في الوقت المناسب ليضخ الحيوية في حزبه، ويزيح «لابيد» جانبا، ويقف أمام «نتنياهو»، لكن الأمر ليس بالأحلام وتغيير الوجوه المتسارع كما يجري في حزب «هاعفوداه»، بل يتعلق الأمر أولا باسترجاع مكانة الحزب في الشارع الإسرائيلي، ومحاولة فرض بديل يساري لليمين المتطرف الذي يحكم سيطرته على المؤسسات الإسرائيلية والمجتمع، فليست المنافسة القادمة بين «جفاي» و«نتنياهو» وحده، بل مع أحزاب يمينية حجزت مكانة عريضة في الساحة السياسية الإسرائيلية.
     بينما يتحالف حزب «هاعفوداه» مع «كاديما» المتألف أساسا من بقايا مارقة من حزب «هاليكود»، لم تستطع هزيمة نتنياهو سابقا؛ يتكتل الأخير مع القوى اليمينية والدينية الحريدية، ورغم الملاحقات القانونية الكثيرة التي تطارده، فإنه يبدو حتى الآن قويا أمام تحقيقات الشرطة والأحزاب المعارضة، كما أن الأمر لن تحسمه ملفات الفساد وحدها، بل ما يطرأ على الساحة الخارجية من تطورات، خصوصا في ملفات إيران وسوريا، ودور حزب الله فيها، ومصير داعش، ومستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية.



No comments:

Post a Comment