منشور على موقع شبكة رؤية الإخبارية اضغط هنا للانتقال.
في مقال بجريدة «هآرتس» تحت عنوان "جفاي والبرغوثي سيصنعا سلاما" (بتاريخ 17 أغسطس 2017) ؛ كتبت الصحفية الإسرائيلية «راحيل نئمان» عن مستقبل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.
في مقال بجريدة «هآرتس» تحت عنوان "جفاي والبرغوثي سيصنعا سلاما" (بتاريخ 17 أغسطس 2017) ؛ كتبت الصحفية الإسرائيلية «راحيل نئمان» عن مستقبل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.
جاء مقال راحيل بعد نشر المقال الذي كتبه كل من «حسين أغا» و«أحمد سامح
الخالدي» بصحيفة «زي نيويوركر» الأمريكية تحت عنوان: "نهاية
هذا الطريق: تراجع الحركة الوطنية الفلسطينية" (6 أغسطس 2017)، وتحدثا عن
فيه عن وضع منظمة التحرير الفلسطينية، معتبرين أن "«أبو مازن» يعد آخر فرصة
ضئيلة للوصول إلى تسوية مع إسرائيل عن طريق المفاوضات، بيد أن منظمة التحرير نفسها
والحركة الوطنية الفلسطينية قد فقدتا ثقة المواطن الفلسطيني، ويظل «أبو مازن» بدبلوماسيته
السياسية ورغبته في تحقيق السلام عائقا أمام مساعي إسرائيل الدائمة لإفشال أي مسعى
سياسي ينتهج السلمية في سبيل الوصول لتسوية شاملة".
أبو
مازن
على الجانب الآخر؛ لا يحظى «أبو مازن» بالثقة ذاتها في إسرائيل، على مستوى
الحكومات اليمينية المتعاقبة بطبيعة الحال، وكذلك على مستوى المعارضة اليسارية،
سياسية أو اجتماعية، ولذا تتحدث الكاتبة «راحيل نئمان» عن مرحلة ما بعد «أبو مازن»،
مستعينة بسيناريو لم تُكتب سطوره بوضوح بعد.
التصور الخيالي لمستقبل الطرفين:-
تتحدث الكاتب عن تصورها لوجود الزعيم الجديد لحزب العمل «آفي جفاي» في سدة
الحكم، منحيا أخيرا حكومة اليمين التي يسيطر عليها حزب «هاليكود» بزعامة «بنيامين
نتنياهو» مع ائتلاف حكومي متطرف، يضعضع فرص التسوية السلمية، ناهيك عن الفساد
المالي والسياسي الذي باتت رائحته تزكم الأنوف في إسرائيل، وتفوح في الأساس من
منزل رئيس الوزراء.
آفي
جفاي
وفي مقابل «آفي جفاي» كرئيس للوزراء في إسرائيل تتخيل الكاتبة أن يكون «مروان
البرغوثي» على رأس القيادة السياسية الفلسطينية، وهذا السيناريو تعتبره الكاتبة "لا
يقل واقعية" عما تحدث عنه الثنائي «أغا» و«الخالدي» في مقالهما، مفترضة أن «آفي
جفاي» بمجرد أن يفوز برئاسة وزراء إسرائيل-
قريبا جدا إذا خلعت قضايا الفساد نتنياهو، أو بعد حين عندما ينفد صبر جموع
المصوتين على حزب «هاليكود» – سوف يبادر بإطلاق سراح «مروان البرغوثي»، ومن ثم
يخلف الأخير «أبا مازن» ويصبح رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية.
مروان
البرغوثي
تقول «نئمان» في مقالها "سوف تتغير الصورة تماما، تخيلوا بأنفسكم مسار
المحادثات بين «جفاي» و«البرغوثي»، في مقر رئيس الوزراء وفي رام الله، بين إسرائيل
التي لن تحمل في هذه الحالة هذيان اليمين على كتفيها، بفضل صعود رجل عقلاني مثل «جفاي»
يمكن أن يكون مرنا، مقابل رجل مثل «البرغوثي» له ظهير شعبي قوي، وقادر على التقريب
بين الضفة وغزة، وعلى الوصول إلى حل وسط مع إسرائيل بخصوص الحدود، ويعترف بقيودها
فيما يتعلف بحق العودة".
الظروف متشابهة:-
تستطرد الكاتبة بالحديث عن الحالة السياسية المتدهورة على الجانبين
الإسرائيلي والفلسطيني، فمن جانب تعتبر أن إسرائيل تقبع في مفترق طرق سياسي خطير،
بسبب خسارة رئيس الوزراء ثقة الكثيرين من الإسرائيليين، وعلى الجانب الآخر يجلس «محمود
عباس أبو مازن» فوق كرسي حكم متقلقل بسبب فقدانه هو الآخر جزءا كبيرا من ثقة
الفلسطينيين، إلى حد أنه يبدو منعزلا عن شعبه، إضافة إلى ما يحيط بحكمه من مزاعم
فساد على حد قولها، فالظروف على الجانبين متشابهة إلى حد ما، وبالتالي يحتاج
الطرفان إلى طاقة جديدة يعززها صعود «جفاي» وتحرير «البرغوثي».
ما بعد نتنياهو وأبي مازن:-
تفترض الكاتبة أن «جفاي» يمكن أن يحقق – إذا انتخب رئيسا للوزراء- تغييرا
إيجابيا مفاجئا في السياسة الإسرائيلية، تماما مثلما حقق مفاجأة بصعوده السريع إلى
رئاسة حزب «هاعفوداه» (العمل) (كما أشرنا في تقرير
سابق).
وتشدد الكاتبة على أن «عمير بيرتس» الرئيس الأسبق لحزب «هاعفودا» لابد أن
يتحمل مسئولية هو الآخر حين يصبح «جفاي» رئيسا للوزراء، لأنه – أي «بيرتس»- كان
صاحب مقترح إطلاق سراح البرغوثي، وقد أعلن مقترحه هذا إبان ترويجه لنفسه خلال
المنافسة على رئاسة حزب «هاعفودا» التي خسرها أمام الصعود السريع لـ «جفاي»، ومن
ثم فعلى «بيرتس» أن يتمسك بمقترحه ويدفع «جفاي» لتنفيذه، فربما يحظى الطرفان –
الإسرائيلي والفلسطيني – على فرصة تاريخية لتحقيق تسوية سياسية شاملة، على أيدي «جفاي»
و«البرغوثي».
تعتبر «نئمان» أن «مروان البرغوثي» (المحكوم بخمس عقوبات مؤبد على يد
الاحتلال) بمثابة أمل كبير، ليس للفلسطينيين فحسب، بل للإسرائيليين أيضا، وبافتراض
إطلاق سراحه ووصوله لخلافة «أبو مازن» لن تموت حركة «فتح»، وربما تنتهج إسرائيل
مسارا مغايرا في المفاوضات مع الفلسطينيين، يخالف المسار اليمين الصدامي الذي تصر
حكومة نتنياهو على انتهاجه، ومن ثم فالخطوة الأولى – وفقا للكاتبة- هي إسقاط هذه
الحكومة الفاسدة التي يترأسها «نتنياهو»، ثم يمكن بعدها في سيناريو مشابه لما حدث
في جنوب أفريقيا بعد إنهاء النزاع العرقي وسياسة الفصل العنصري.
ليس تصورا سياسيا، أضغاث أحلام ربما:-
تتحدث الكاتبة وفق معايير وتصورات بعيدة بقدر كبير عن الواقع الحالي
ومجريات الأحداث، فرغم المأزق السياسي الذي تواجهه حكومة «هاليكود» مع تراكم
اتهامات الفساد بحق «نتنياهو» وأسرته وأفراد عدة من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية،
ورغم حالة اليأس التي تنتاب جموع الناخبين الإسرائيليين، فإن سيناريو فوز حزب «العمل»
برئاسة «جفاي» ما يزال صعب التحقق، لأن نتنياهو لم يفقد دعم أحزاب اليمين
والحريديم (اليهود المتشددين) بعد، كما أنه لم يفقد الدعم الأمريكي والغطاء
السياسي من «ترامب»، ناهيك عن عدم استقرار الأوضاع الخارجية المحيطة مثل التهديد
الإيراني، وحزب الله في سوريا، والتي تستغلها حكومة «نتنياهو» لفرض مزيد من
السيطرة على الحكم، إضافة إلى حالة الهزال الشديد التي يعاني منها اليسار
الإسرائيلي المعارض، والتي لا تشير إلى تفوق كاسح في الوقت الراهن له إذا ما خاض
معركة سياسية ضد اليمين، وحتى في حالة فوز «جفاي» وتقلده رئاسة الحكومة
الإسرائيلية؛ لا يمكن التنبؤ باتخاذه قرارا كبيرا بموجبه يطلق سراح «مروان
البرغوثي» من سجون الاحتلال، ولا يمكن القول بحال أن اليسار الإسرائيلي الحالي
بزعامة حزب «هاعفودا» مستعد لتسوية سياسية عادلة مع الجانب الفلسطيني.
على الجانب الآخر؛ ليس الوضع ممهدا لـ«البرغوثي» – حال إطلاق سراحه- ليصل
إلى الرئاسة الفلسطينية بهذه السهولة التي تتحدث بها الكاتبة الإسرائيلية، فالوضع
أعقد بكثير على الصعيد الفلسطيني، في ظل الانشقاق الداخلي، وغموض مستقبل السلطة
الوطنية الفلسطينية مع دخول «أبي مازن» السنة التاسعة تقريبا بعد انتهاء ولايته
دستوريا، والأمر المهم الذي لا يمكن إغفاله هنا أن الوضع في فلسطين لا يشبه بحال
ما جرى في جنوب أفريقيا، فلا يمكن مقارنة حالة نزاع عرقي سياسية بما يجري بحق
فلسطين من احتلال بحكم القوة والقتل والنهب.
No comments:
Post a Comment