منشور على موقع شبكة رؤية الإخبارية، اضغط هنا للانتقال.
كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية عن انخفاض معدلات الشباب
الراغبين في الانخراط بوحدات قتالية في صفوف الجيش الإسرائيلي، فقد أشارت معطيات
الدفعة الجديدة إلى أن عددا أكبر من الشباب الإسرائيليين الملتحقين خلال الصيف بالتجنيد
العسكري قد عزفوا عن التقدم للالتحاق بالوحدات القتالية بالجيش، وذلك لأسباب عدة،
منها ضعف الروح المعنوية، وتفضيل الوحدات التكنولوجية التي تمنح الجنود فرص الحصول
على مهنة مستقبلية بعد الخروج من الجيش، بينما أشارت المعطيات لارتفاع نسبة
المتقدمين للخدمة في وحدات حرس الحدود.
ليس الأمر مقتصرا على الوحدات القتالية التي تستوجب مشقة
أكبر مثل سلاح المشاة والمدرعات، بل إن الجيش الإسرائيلي شهد كذلك عزوفا من الشباب
الملتحقين مؤخرا عن التقدم للانخراط في سلاح الجو، وأشارت المصادر إلى أن هذا
المنحى الجديد من الشباب الملتحقين حديثا بالجيش الإسرائيلي ليس توجها منفردا أو
عابرا، بل يبدو وكأنه توجه عام ينتهجه معظم الشباب الإسرائيلي بعد قبول دفعة يوليو
2017.
وتعد دفعة تجنيد يوليو واحدة من أكبر الدفعات القتالية
التي استقبلها الجيش الإسرائيلي، ويتأكد انخفاض عدد الراغبين في الالتحاق بوحدات
القتال بدرجة 1.8% مقارنة بنسبة الملتحقين بالوحدات القتالية هذا العام بنظيرتها
في العام 2016، وفقا لما أشارت إليه مصادر في شعبة القوة البشرية بالجيش
الإسرائيلي.
قضية أزاريا تلقي بظلالها:-
ويبدو أن قضية إليئور أزاريا لم تصبح رمادا بعد، وهي
القضية التي سببت إزعاجا كبيرا للشباب المطلوبين للتجنيد في إسرائيل.
تعود أحداث قضية أزاريا إلى 24 مارس 2016، حين أعلنت
إسرائيل أن تجمعا لجنود من الجيش الإسرائيلي قد تعرض لهجوم بالطعن من اثنين من
الفلسطينيين في تل الرميدة بالخليل، ومات أحد الفلسطينيين فورا بعد إطلاق النار
عليه من الجنود، فيما وقع الآخر عبد الفتاح الشريف مصابا بجروح بالغة، فما كان من
الجندي الإسرائيلي إليئور أزاريا إلا أن فتح النار عليه وقتله، وقد أحيل أزاريا
للمحاكمة وأدين بالقتل غير العمد، وفي مطلع العام 2017 قضت المحكمة العسكرية بسجنه
لمدة 18 شهر، منها 12 شهر مع وقف التنفيذ، وتخفيض رتبته العسكرية.
ورغم نفي مسئولي الجيش الإسرائيلي وجود علاقة بين ضعف
الإقبال على الوحدات القتالية وبين قضية أزاريا؛ تزعم وسائل الإعلام الإسرائيلية
أن قضية أزاريا ما تزال تلقي بظلالها خصوصا في نفوس الشباب الملتحقين حديثا
بالجيش، خصوصا مع عزوف العديد من الجنود عن الالتحاق بلواء كفير (اللواء 900) الذي
خدم فيه أزاريا.
لتعد حيا يا بني، مُستعدا للعمل:-
لكن مصادر الجيش تؤكد أن انخفاض الإقبال على وحدات
القتال بالجيش الإسرائيلي نتيجة تغيرات اجتماعية في إسرائيل، منها رغبة أهالي
الجنود في أن يلتحق أبناؤهم بوحدات التكنولوجيا، خصوصا الوحدة 8200 المعروفة باسم SIGINT، وهي وحجة استخبارات إسرائيلية
بالجيش مسئولة عن التجسس الإلكتروني وقيادة الحرب الإلكترونية، فمن منظور الأهالي
تبدو هذه الوحدة مناسبة جدا لإكساب أبنائهم من الجنود خبرات ومعارف يمكن أن تكون
ذات فائدة لهم في سوق العمل بعد التسريح من الجيش، كما أنها بعيدة عن الجبهات
القتالية، مما يحافظ على أرواح أبنائهم.
سبب آخر لانخفاض أعداد المتقدمين لوحدات القتال هو
انتقال المجندين للخدمة في وحدات بعيدة عن المواجهات المباشرة، مثل الوحدات
التابعة لسلاح المشاة، وتتمثل في الكتائب المختلطة، والقبة الحديدية (منظومة
الصواريخ الإسرائيلية المضادة للصواريخ) وقيادة الجبهة الداخلية.
خطة جذب الشباب إلى وحدات القتال:-
استدعى الأمر قيادة
الجيش الإسرائيلي لطرح خطة جديدة لتحفيز الجنود المنضمين حديثا للجيش الإسرائيلي
على الالتحاق بالوحدات القتالية، وتتضمن هذه الخطة منح أفضلية للجندي الملتحق
بوحدة قتالية من خلال عدة امتيازات، منها رفع
الراتب من 1600 شيقل شهريا بداية من نوفمبر القادم إلى 2000 شيقل في السنة الثالثة
للخدمة العسكرية، ومنح بطاقات نقاط مجانية بقيمة 1000 شيقل، يمكن للجندي أن
يستخدمها في المطاعم أو السينمات أو النوادي الرياضية، إضافة إلى منح المجند شهادة
تقدير كمقاتل ينالها بعد عام ونصف، بدلا من 20 شهرا، وتعليم قيادة السيارة على
نفقة الجيش، ومنح أجازات في إيلات، وتمويل حصول المجند على شهادة جامعية، والتنقل
مجانا في وسائل المواصلات بزي مدني، وسيحصل على هذه الامتيازات الجنود المنخرطون
في سلاح المشاة والمدرعات والمدفعية، وبدأ
بالفعل تقديم بعض هذه الامتيازات خلال الأشهر المنصرمة، منها منح الجنود المقاتلين
بطاقات ممغنطة بقيمة مئات الشيقلات تستخدم لشراء ملابس، وبدأت دروس تعليم القيادة
لـ 500 جندي سنويا، وتُقدَّم هذه
الامتيازات من أجل الارتقاء بوضع المقاتل في الجيش الإسرائيلي، الذي تأثر
بشكل كبير مقارنة بزملائه في الوحدات الأخرى، وفقا لتصريحات جادي أيزنكوت رئيس
الأركان الإسرائيلية، الذي أضاف أن وحدات التكنولوجيا والمخابرات ذات أهمية، لكن
الوحدات القتالية هي الأكثر فعالية من أجل تنفيذ مهمات الجيش.
القتال أولوية "قومية":-
فيما يصرح قادة عسكريون في الجيش الإسرائيلي أن الانخراط
في الوحدات القتالية يجب أن يكون ذي أولوية باعتباره "تحدٍ قومي"؛
ارتفعت درجة سخط الجنود المتدينين (الحريديم) من إلغاء
قانون إعفاء طلبة المدارس الدينية اليهودية من التجنيد، وعلى الجانب الآخر يصر وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجادور ليبرمان
على تجنيد المتدينين في صفوف الجيش الإسرائيلي، وصرح ليبرمان قائلا "
كل من يبلغ من العمر 18 عاماً عليه التجنيد للجيش، يهودياً كان أو مسلماً أو
مسيحياً."
القلق من رفض التجنيد:-
جدير بالذكر أن إسرائيل تفرض التجنيد الإجباري على
الذكور لمدة ثلاثة أعوام، وعلى الإناث لمدة عامين ونصف، بعد الانتهاء من شهادة
البجروت (تعادل الثانوية العامة)، وفي السنوات الأخيرة تزايدت نسبة الشباب
الرافضين للتجنيد في صفوف الجيش الإسرائيلي، خصوصا على الجبهات الملتهبة في الضفة
الغربية وقطاع غزة، ويأتي عزوف الشباب عن التقدم لوحدات القتال كمؤشر على رغبة
الشباب في إسرائيل تجنب الوقوف في جبهات القتال، وتفكيرهم في مستقبل آمن، والتسلح
بخبرات مهنية بدلا من مواجهة الموت بلا ثمن، وهو ما يسبب قلقا للقيادة الإسرائيلية
التي تحاول القضاء على أية بذرة تمرد شبيهة بما فعله الشباب اليساريون الرافضون
للتجنيد والقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي، والذين أسسوا جماعات تدعو لرفض أداء
الخدمة العسكرية.
No comments:
Post a Comment