الجمعة 27
أبريل 2012 - 19 : 17
|
|
انقضت
المراحل الثلاثة للانتخابات البرلمانية الأولى بعد الثورة الأعظم في تاريخ مصر ،
وربما الأولى قبل الثورة أيضا، انقضت وتركت مجموعة من الدلائل المهمة، ويمكن أن
نتخذ منها عدة مواقف إيجابية وسلبية، كما نرى من خلالها طرائف وغرائب تثير الفرحة
أحيانا، وتبعث على الأسى وتثير المخاوف في أحيان أخرى.
رغم كل
المؤشرات ، ورغم التفاوت في قوة التكتلات السياسية، والذي قد يعطي دلالات بعينها؛
فإن نتيجة الانتخابات البرلمانية كانت خارج نطاق التوقعات، وتعدت حاجز التكهنات،
وتخطت حدود عقل ما قبل الثورة.
أولا وقبل كل
شيء يجب أن يقدم جميع الفائزين الشكر والعرفان لكل من قام بالثورة المجيدة، لولا
أرواح الشهداء، لولا تضحيات المصابين،لولا جهاد وعزيمة الثوار، ولولا لُطف الله
قبل كل شيء؛ ما نجح من نجحوا، ما تأسس حزب للإخوان المسلمين، الذين تحولوا من
جماعة محظورة إلى تكتل سياسي حصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، لولا
الشباب الثائر غير المُسيس، غير المنتمي لأحزاب سياسية ما تأسس هذا العدد من
الأحزاب التي صار الكثير منها فاعلا على الساحة، وليس كارتونيا يؤيد ويعارض وينافس
وينسحب ويتحد ويتفكك بأمر من السلطة المُباركية المنحلة، لولا الشهداء والمصابين
والثوار ماتبلور تكتل سياسي للسلفيين، ما سقط الحزب غير الوطني.
الثورة
هي التي صنعت هذه الانتخابات البرلمانية النزيهة إلى حد كبير مقارنة بالكوميديا
السوداء التي شاهدناها وعاصرناها طيلة عقود من التعمية والتزييف والتزوير، بفضل
ثورة 25يناير أصبحت الانتخابات عرسا للديمقراطية بعد أن كانت عرسا للبلطجية.
جرت
الانتخابات بعد شد وجذب بين المجلس العسكري الحاكم وبين القوى السياسية الثائرة
والفلولية والصامتة والكارتونية، وكانت النتيجة أن نشهد واحدة من أطول العمليات
الانتخابية في العصر الحديث.
بانتهاء
المرحلة الثالثة من العملية الانتخابية الماراثونية حصد تحالف الحرية والعدالة على
مائتين واثنين وثلاثين (232) مقعدا بنسبة بلغت 46 %، فيما حصل تحالف النور على
مائة وثلاثة عشر (113) مقعدا بنسبة بلغت 23 %، وجاء حزب الوفد في المركز الثالث
بعدد بمقاعد بلغت سبعة وأربعين (47) مقعدا بنسبة بلغت 9 %، والكتلة حلت في المركز
الرابع بعدد مقاعد بلغ تسعة وثلاثين (39) مقعدًا بنسبة 8 %.
فيما حصل
الفلول على ثمانية عشر (18) مقعدا بنسبة 3 %، والمستقلون على أربعة عشر (14)مقعدا
بنسبة 3 %، وحصل حزب الوسط على عشرة (10) مقاعد بنسبة بلغت 2 %، وحصل تحالف
الثورة مستمرة على ثمانية (8) مقاعد بنسبة 2 %.، وهي النتيجة التي يمكننا أن نخلص منها بعدة دلالات.
كان مقررا -
وفقا لتصريحات المجلس العسكري - أن تُجرى الانتخابات البرلمانية خلال ستة أشهر
ابتداء من فبراير 2011، غير أن المطالبات المُلحة بتأجيلها جعلتها تتأخر إلى
ديسمبر 2011، وربما هذا الطلب ـــ في رأيي ـــأحد أسوء مطالب الثوار ، فقد كان
شباب الثورة ومعهم الأحزاب الجديدة التي تكونت بعد الثورة يطالبون بإعطائهم مزيدا
من الوقت كي يستطيعوا الاندماج في الشارع المصري، والدعاية لأنفسهم بشكل كاف يمكن
من خلاله نيل ثقة الناخبين، لكنهم في نفس الوقت تفرقوا فصاروا شيعا،
وارتكبوا في حق أنفسهم الخطأ الذي دفعوا ثمنه غاليا حينما جاءت ساعة الحقيقة، وجرت
الانتخابات، فانجلى الواقع بالنسبة لشباب الثورة على قبض الريح وحصاد الهشيم،
وكيلا أكون مجحفا في حق الثوار، ومتحاملا عليهم فأنا أعتقد أنهم لا يتحملون
بمفردهم خطيئة تشتتهم، فكل الكيانات السياسية التي كان مأمولا اتحادها تفرقت،
ونظرت إلى مقاعد البرلمان، وأغفلت وجود الثوار.
من الأسباب
الأخرى التي قللت من حظوظ الشباب في الوصول إلى البرلمان ضعف إمكانياتهم التعبوية
واللوجستية، فمن أين لمجموعات من الشباب ملايين للدعاية لأنفسهم؟ كيف يتسنى لهم
تنظيم مؤتمرات والكثير منهم لا يمتلك حتى رسم التقدم لتسجيل أسمائهم في كشوف
المرشحين؟ بالتأكيد لا يستطيع هؤلاء مجابهة التكتلات السياسية الديناصورية التي
أنفقت ملايين الجنيهات في الدعاية الانتخابية، وقبلها في افتتاح مقرات الأحزاب
بجميع محافظات مصر.
ولم يكن ما
سبق وحده سببا في تقهقر الشباب، بل إن أكثر ما قلل من حظوظهم هو انقلاب قطاع كبير
من الشعب عليهم باعتبارهم مخربين يجُرُّون البلاد للانهيار، وهذا الانقلاب دعا
إليه وقاده المجلس العسكري الحاكم، ومن خلفه وسائل الإعلام التي لم تتخل عن
السياسة المٌباركية في التحريض والتضليل والإيهام والتشكيك، وللأسف فإن الأنظمة
السياسية المتعاقبة في مصر رسخت في نفوس الكثيرين فكرة تقزيم الشباب، واستنكار
قدرتهم على تولي مناصب قيادية، فمصر دولة أغلب مواطنيها شباب دون الخامسة والعشرين
يحكمها عواجيز، ويديرها عواجيز، فيثور شبابها؛ ليلتقط ثورتهم عواجيز .
بالعودة إلى
نتائج الانتخابات نجد المركزين الأول والثاني محسومين للحرية والعدالة والنور
بتحالفاتهما على التوالي، وهما الحزبان الرئيسان على الساحة السياسية القائمان على
مرجعية دينية، ولم تكن النتيجة مفاجئة لي كما كانت مفاجئة للبعض، فالناخب المعتاد
على مسرحية انتخابية هزلية بطلها الحزب الوطني الداعر؛ وجد نفسه فجأة أمام حقيقة
انتخابية واضحة يجب أن يشارك في إظهارها، فلم يكن اكتساح الإخوان والسلفيين ناتجا
فقط لاقتناع الناخبين بهم، ولا لأن المصريين متدينون بطبعهم، فالمصريون متدينون
بفطرتهم دون أن "يتآخوا"و"يتسلفوا" في كيانات سياسية تتخذ
الإسلام واجهة وحجة وغاية وبرنامجا، وإنما جاء اكتساح الإخوان والسلفيين - في رأيي
- لعدم وجود بديل قوي يسمن من جوع من ناحية، ولاعتمادهم على سلاح الدين من ناحية
أخرى، ناهيك عن أرضيتهم القوية في المجتمع المصري، حيث اجتهدوا كثيرا في تأدية
الدور المنوط بالحكومات، وهو رعاية المواطنين اقتصاديا واجتماعيا، بل ورعايتهم
ثقافيا ودينيا ولكن بمنظورهم هم، لكن كل هذا لا ينكر أنهم الأكثر تنظيما، الأكثر
مالا، الأكثر خبرة.
رغم هذا فلم
يحصل الإخوان على نسبة الـ 50% + 1 التي تُمكنهم من تشكيل حكومة - هذا إن استطاع
البرلمان انتزاع تشكيل حكومة من فم المجلس العسكري- ويبدو لي أنهم غير مستعدين -
حاليا على الأقل- للتحالف مع السلفيين لتشكيل الحكومة، فقد أظهرت العملية
الانتخابية كما كبيرا من الاختلافات بين المعسكريْن الناطقيْن باسم الدين، والتي
ربما تصل بهما إلى نقطة التصادم، وليس إلى درجة التحالف.
على أية حال
زادت هذه المخاوف من قلق البعض من السلفيين، ولستُ من بين هؤلاء، كما جعلت
الكثيرين يتقربون للإخوان خوفا منهم أو نفاقا لهم أو استقصاء لتوجهاتهم .
في المركزين
الثالث والرابع على التوالي جاء حزب الوفد والكتلة المصرية، وتُعد نتيجة المعسكرين
صادمة ومؤسفة للكثيرين لأنهما كان متوقَعا لهما أن يقفا في مواجهة الأحزاب
الدينية، غير أنني أعتبرهما أسوأ من يعبر عن التيار الليبرالي في مصر، فالوفد تحت
قيادة رئيسه الحالي تحول من حزب الأمة إلى حزب "اللمة"، لم يقف أمام
نظام مبارك، وبعد الثورة استقطب الفلول وضمهم إلى صفوفه ظنا منه أنه سيرث الزعامة
من الحزب الوطني، ولكنه لم يرث إلا عار الوطني، كما أن السيد البدوي يبدو أنه رجل
يهوى التحالفات مع الجانب الذي يتصدر الساحة، فتحالف مع الإخوان قُبيل الانتخابات،
وبعد معارضة أعضاء حزبه قام بفك الارتباط، ثم عاد وتحالف مع الإخوان ثانية بعد
تصدرهم نتائج البرلمان ربما أملا في حصول حزبهم على رئاسة لجنة من لجان المجلس، أو
ربما الوكالة، وربما أيضا تطلعا إلى منصب وزاري في حكومة يعلم الله من سيشكلها،
ومتى أوان ظهورها.
أما الكتلة
المصرية التي رفعت شعار مواجهة الأحزاب الدينية فليست أفضل حالا من الوفد، بداية
ارتكب المصريون الأحرار نفس خطيئة الوفد بضم الفلول، وثاني الخطايا تمثلت في
الاتحاد مع حزي التجمع الذي صار تحت قيادة رفعت السعيد طللا آيلا للسقوط، أما حزب
المصري الديمقراطي الاجتماعي فأشعر من توجهاته وتصريحات قياداته تعاليا على
المجتمع، فبدا الحزب وكأنه اجتماع لحشد من الأكاديميين وليس تكتلا سياسيا.
ويمكنني أن
أخلص من هذا بالقول أن سيد البدوي هزم الوفد في الانتخابات، كما هزم نجيب ساويرس
الكتلة المصرية بتصريحاته وأفعاله الهوجاء، والأهم من هذا أن الوفد والكتلة فشلا
في إقناع الناخب بأنهما حملة شعار الليبرالية المصرية.
بالنسبة
للفلول الذين حصلوا على 18 مقعدا فأعتقد أن هذا راجع لوعي الشعب المُنتفض الثائر،
فلم ينتظر الناخبون أن يتكرم علينا المجلس العسكري بتطبيق قانون العزل السياسي،
إضافة لنقطة مهمة في رأيي، وهي أن النتيجة التي حققها الفلول هي بالفعل تؤشِر
لقيمتهم في المجتمع إذا ما خاضوا انتخابات نزيهة، وليس انتخابات أحمد عز.
وبالنسبة
لحزب الوسط أعتقد أن نتيجته جيدة إلى حد ما قياسا بحداثة وجوده في الشارع المصري،
مع الأخذ في الاعتبار المفاجأة الحزينة التي صدمت الكثيرين، وهي خسارة أبو العلا
ماضي وفشله في الوصول إلى البرلمان، وهو أمر محزن بالنسبة لهذا المناضل الذي يستحق
الاحترام.
وبمناسبة
الحديث عن المفاجآت المُحزنة؛ فقد شهدت الانتخابات كذلك سقوط المناضل المبتسم جورج
اسحق، والذي كان يستحق أن ينجح بالتزكية، لكنه واجه منافسة غير متكافئة بالمرة،
لينضم ماضي واسحق إلى شباب الثورة الذين ضحوا بالكثير كي يجلس غيرهم على مقاعد
البرلمان.
ولكني أخرج
من هذا الجانب المعتم لنتيجة الانتخابات إلى أمر يبعث على التفاؤل ويجبر على
الاحترام، ويتمثل في موقف د. محمد غنيم رائد زراعة الكلى وجراحة المسالك البولية
الذي رفض خوض الانتخابات على قائمة تحالف الثورة مستمرة، معتبرا أن هذا حق أصيل
للشباب أن يأخذوا فرصتهم ليتصدروا المشهد الذي رسموه بأيديهم وبدمائهم، كان د.
غنيم لينجح بسهولة في المنصورة، لكنه آثر احترام سنه وإفساح الطريق لدماء جديدة.
ولهذا فأعتبر
أن تحالف الثورة مستمرة يمثل الجانب الأكثر إشراقا في نتيجة الانتخابات، فهذا
التحالف المكون من شباب مفلسين تقريبا، لا يملكون إلا حماسهم وتعاطف الثائرين معهم
تمكن من الحصول على ثمانية مقاعد - أغلبها من الدقهلية- بعد معركة طاحنة غير
متكافئة بالمرة مع تكتلات سياسية عملاقة.
من المؤسف في
هذه الانتخابات غياب المرأة أو تقهقرها، رغم اشتراط وجودها في القوائم، وهذا راجع
إلى سيطرة الثقافة الذكورية حتى في أوساط المتمدينين والليبراليين، غير أنني أوافق
تماما على إلغاء كوتة المرأة، ذلك الاختراع العنصري السيئ الذي تخلصنا منه بعد
الثورة.
أعتقد أن
نظام الإعادة من أسوأ عيوب قانون الانتخابات في مصر، فعندما تُعاد المعركة
الانتخابية بين اثنين من المرشحين لعدم حصول أحدهما على نسبة الـ 50% نجد نسبة
الإقبال في الإعادة نفسها أقل من نصف عدد الناخبين، على سبيل المثال بلغت نسبة
التصويت في انتخابات الإعادة في المرحلة الثالثة 37.1%،فلماذا إذن هذا المبدأ الذي
يستنزف الأموال والجهد والوقت بلا عدالة؟
ومما لاحظته
أيضا رغم اختلاف الانتخابات عما سبق، ورغم زيادة الوعي، وقبل كل شيء رغم الثورة؛
أن كثيرا من الناخبين اضطروا للتصويت خوفا من غرامة الخمسمائة جنيه، وهو ما يستدعي
نشر المزيد من الوعي والتثقيف السياسي.
من الملاحظات
التي تستوجب الوقوف عندها أن الكثير من الكيانات السياسية المتنافسة دخلت السباق
الانتخابي بمبدأ "إللي تغلب به العب به"، فرأينا تحالفات غير رسمية بين
أحزاب وأفراد مختلفين كلية في الأيديولوجيا والتوجه، حتى أنني مثلا وجدت حزب النور
في دائرتي يساند مرشحا كان عضوا في أمانة السياسات بالحزب الوطني المُنحل، بدعوى
أنه "رجل البر والإحسان"، كما رأينا على النقيض تصادما بين أحزاب تقف في
نفس الجانب، مثلما حدث في الصراع بين الإخوان والسلفيين في دوائر كثيرة.
تعتبر
انتخابات ما بعد الثورة الأفضل على الإطلاق في تاريخ مصر، لكن هذا لا يعني أنها
كانت نزيهة تماما، أو مرت بلا أخطاء كارثية، فقد تجاوز الجميع تقريبا، الإخوان،
والسلفيون، والكتلة، والفلول، رأينا دعاية أمام اللجان، شهدنا دعاية في فترة الصمت
الانتخابي، استغل البعض دور العبادة سواء المساجد أو الكنائس، وقعت حالات تصويت
جماعي، وجرت وقائع تزوير بالنقاب، وبالبطاقة الدوارة، ورأينا ملايين تُنفق بلا
سقف، بلا رقيب ولا حسيب.
ورغم كل هذا،
رغم ارتكاب أخطاء لا تُغتفر أحيانا، إلا أن المستشار عبد المعز رئيس اللجنة العليا
للانتخابات قلل من خطورة التجاوزات والأخطاء، رغم أن الرجل فشل فشلا ذريعا في
إدارة العملية الانتخابية كما يجب، حدثت تجاوزات في المرحلة الأولى، فوعد بعدم
تكرارها في الثانية، لكنها تكررت، فوعد بألا تظهر في الثالثة، لكنها استفحلت، فصرح
بأنها لن تعود في انتخابات الشورى، وأتمنى ألا يصل الأمر إلى انتخابات الرئاسة ،
كما أتمنى ألا يديرها المستشار عبد المعز ولجنته.
شهدت هذه
الانتخابات عدة مفارقات طيبة وغريبة وطريفة ومؤسفة، فقد تخلصنا من شعاري الهلال
والجمل، كما تقلصت إلى حد كبير الدعاية باللافتات القماش، وانتشرت الدعاية بالـ
"المشمع"، وهو ما يخدم كثيرا من أصحاب الأكشاك والمحال، فهذه اللافتات
تستخدم بعد الانتخابات كـ "تِنَد"و"شماسات" للمحال، وأغطية
للبضائع.
من الملاحظ
كذلك أن علم مصر كان مرسوما على كل اللافتات تقريبا، كما رأينا مرشحا يصف نفسه ب
"شهيد الثورة"، وآخر يُكني نفسه بـ" أبو مصاب الثورة" ، بل
إنني رأيت مُرشحا قد كتب على لافتته :"اتحاد الأمة العربية الإسلامية
المتحدة" ولا أدري هل هذا ضمن برنامجه، أم هذا كيان ينتمي إليه.
نجحت أساليب
الدعاية الحديثة كـصفحات "الفايسبوك"، وتغريدات "تويتر"،
وشاشات العرض في الشوارع، لكن نجاحها انحصر إلى حد كبير في الدوائر الحضرية،
ومازالت جولات المُرشحين ومؤتمراتهم الانتخابية حاضرة بقوة.
لا يجب أن
ننسى أن البلطجية قد حصلوا على أجازة مفتوحة، بأجر أو بدون أجر، أثناء المراحل
الثلاثة للانتخابات، وهذا يجعلنا قبل نشكر القائمين على الأمن نسألهم: أين ذهب
البلطجية؟ ومن يملك زِر تحريكهم؟.
بعد أيام
تخوض مصر بعد الثورة انتخابات مجلس الشورى الذي طالب الجميع تقريبا بإلغائه، إلا
أن المجلس العسكري تعنت ورفض، فطأطأت التكتلات السياسية رؤوسها ورضخت، بل وتستعد
بمرشحيها لخوض انتخابات هذا المجلس الكاريكاتوري، وأظن أن المجلس أبى إلا أن يجري
انتخابات الشورى لأنه يمتلك فائضا من الأموال يرغب في صرفه على العملية
الانتخابية، أو لأن مبنى مجلس الشورى تم تجديده حديثا بعد حرقه فأبى المجلس
العسكري أن يلغيه، أو أنه يريد إجراء انتخابات هادئة مرة أخرى لنفرح كثيرا برد
الفعل العالمي بأننا متقدمون ومتحضرون ولدينا طوابير طويلة ومنظمة.
رغم كل شيء؛
فلم تنجح الانتخابات البرلمانية الأولى بعد الثورة بفضل المجلس العسكري، ولا بفضل
القضاة، أو الأحزاب، أو الإعلام، لم تنجح بفضل اللجنة العليا، وإنما بفضل الشعب
المصري أولا وأخيرا بعد فضل الله.
يبقى أن أقول
أن الانتخابات ما هي إلا خطوة في مسيرة طويلة وشاقة يجب أن نستكملها جميعا إلى
نهايتها إذا كنا مقتنعين أن ما حدث في 25يناير 2011 هو ثورة على الظلم والطغيان
والحقارة والتخلف.
منشور في موقع قناة نريد: