الفن مرآة المجتمع في أحيان كثيرة، وليس نشاطا معاديا للأديان، فالدين أكبر وأعظم من أن يزدريه فيلم أو يشوهه فنان.
تطّلع بروية إلى المشهد السياسي القائم في مصر، وشاهد هذين الفيلمين: " طيور الظلام" و"سوق المتعة".
الشخصيات
الأكثر اتساقا مع الواقع الحالي في أفلام "عادل إمام" تتمثل في "فتحي
نوفل" و"علي الزناتي" في طيور الظلام، الأول فاسد سياسيا ارتقى على أجساد
العاهرات وأكتاف الوزراء المُخضرمين، والثاني متطرف دينيا استغل الدين مطية
للوصول لأهدافه، وانظر إلى أقطاب السياسة الآن (حكومة ومعارضة، برلمان
وأحزاب).
أما
لو شاهدت فيلم سوق المتعة للممتع "محمود عبد العزيز" ستجد أنه يحمل تحليلا
لشخصيات عشرات الآلاف في مصر بعد الثورة، التي أتاحت لهم فرصة ذهبية
للخروج من سجن الذل والكبت والطغيان والمرض والتخلف؛ غير أنهم لم يستطيعوا
التكيُف مع حياة الحرية، فيُصرون على بناء سجن جديد يستمتعوا فيه بحياة
كلها إذلال ومهانة.
التشابهات
بين شخصيات الفيلمين تكاد تتطابق، أهمها - طبعا بعد كون وحيد حامد مؤلف
الاثنين- أن هذه الشخصيات قد شبعت بعد جوع، وذاقت بعد حرمان، وهذه نقطة
مهمة جدا، ابحث عنها في نفسيات الموجودين على مسرح السياسة حاليا،
والمشاركين فيه.
ولا
تغفل عن الرغبات الجسدية سواء في الأكل أو الجنس، لا أقصد فقط النهم
الشديد للأكل، وشخصية المومس في الفيلمين، لكن أيضا على أرض الواقع تشعر
بتطابق مع معرفتك بكم الأموال التي صرفها نواب من ميزانية دولة تعاني على
الطعام والشراب في اجتماعات تأسيسية الدستور، أو مشاريع القوانين التي
عرضوها وسيعرضونها على البرلمان وتتعلق بالحياة الجنسية.
شخصيا
كنت أتمنى أن يُحرك أحدهم قضية ضد "عادل إمام"، لا بحجة إزدراء أديان،
فهذا إدعاء جاهل، وإنما بتهمة ازدراء الشعب المصري، حيث قال هو ومؤلف فيلمه
"مرجان أحمد مرجان" أنه اشترى الشعب المصري كله بماله، وجعل الفيلم من
أغلب فئات المجتمع المصري مرتشين فاسدين.
لا
أدافع عن فنان أو عن عمل فني بقدر ما أعرض بعضا من انعكاس المجتمع في
العمل الفني، فلن يزدري الفيلم مجتمعا بما ليس فيه، وإنما يُعبر عما يموج
في نفسيات من يعيشون في المجتمع، ويشكلون ثقافته.
منشور في موقع قناة نريد:
No comments:
Post a Comment