ناديف إيل: ويل للمخلوعين
مقال منشور في جريدة معاريف الإٍسرائيلية
بتاريخ 3/ 6/ 2012
رابط المقال:
في هذا المقال يدافع الكاتب الإسرائيلي عن نظام "حسني مبارك" المخلوع رغم
مساوئه، ويعتبره أفضل كثيرا من أنظمة أخرى في الشرق الأوسط، فمصر تحت حكمه أكثر انفتاحا
من دول أخرى في المنطقة، وبسقوطه هو وغيره من الأنظمة العربية بعد قيام ثورات
الربيع العربي ظهرت على السطح أنظمة أخرى أكثر تشددا.
يبدأ التاريخ القصير للثورات في
العالم العربي في إثبات العلاقة المصيرية بين وحشية المخلوعين وبين بؤس نهايتهم.
ظل على قيد الحياة من استطاع الهرب في
وقت ما، أو امتنع عن استخدام القوة المفرطة في قمع المظاهرات، كـ"ابن
علي" في تونس على سبيل المثال، أما طاغية حقيقي كـ"القذافي"؛ تعهد
بحرق ليبيا بأهلها، وحاول ذلك بالفعل؛ فقد تلقى حكم "لينتش"([1])
بالصوت والصورة، وبين هذا وذاك "حسني مبارك" الذي وقع في مركز أفضل في
الوسط، حُكم بالسجن المؤبد وليس بالموت، وبراءة لابنيه "جمال" و"علاء".
يبدو هذا عقابا كافيا بالنسبة للوحشية المُقننة والحذرة التي أظهرها في قمع المظاهرات، فالثورات أمر جذاب، حيث تختلف في ملابساتها، وتتشابه في نهجها، منذ عصر الإرهاب خلال الثورة الفرنسية وحتى إصدار الحكم على "مبارك" في القاهرة؛ يبدو القضاء أداة تطهير للمجتمع من بقايا النظام القديم، ووفقا لآليات القضاء خلال الثورة يكون العدل غريبا تماما، في الثورات؛ المبدأ بسيط: ويل للمخلوعين.
يبدو هذا عقابا كافيا بالنسبة للوحشية المُقننة والحذرة التي أظهرها في قمع المظاهرات، فالثورات أمر جذاب، حيث تختلف في ملابساتها، وتتشابه في نهجها، منذ عصر الإرهاب خلال الثورة الفرنسية وحتى إصدار الحكم على "مبارك" في القاهرة؛ يبدو القضاء أداة تطهير للمجتمع من بقايا النظام القديم، ووفقا لآليات القضاء خلال الثورة يكون العدل غريبا تماما، في الثورات؛ المبدأ بسيط: ويل للمخلوعين.
على سبيل الخطأ يقرر البعض أن بداية
عصر الثورة الحالية في تونس، في حين بدأت ثورات العالم العربي في مكان آخر تماما،
بل قبل ذلك بسنوات، فقد بدأ المشهد السياسي والإدراكي للشرق الأوسط في التغير مع
صورة الإعدام المهين لـ"صدام حسين" على يد حكومة تابعي الولايات
المتحدة.
منحت عملية الإعدام هذه تصريحا لواشنطن، فتخلى
البيت الأبيض تماما عن بسط حمايته لمبارك المستضعف؛ وكان محرِكا لحلف الناتو كي يدعم الثوار
في مواجهة "القذافي"، وهو ما أدى لانتصارهم عليه، وكذلك يقوم الآن
بإحباط الثورة في البحرين، لأنها لا تخدم أهدافه.
لا؛ لم يُوَجه الأمريكيون عصر الثورة،
فعلى ما يبدو أن "أوباما" كان يفضل أن يُجنِب نفسه كل هذه الأحداث مقابل
نفط رخيص بعشرة دولارات للبرميل، لكن الأمريكيين استُغِلوا بالخير والشر كمحفزين
ومُحركين لهذه التطورات.
فقد أرادوا - خاصة إدارة "بوش"
- عالما جديدا، ديمقراطيا ومُنتخبا، عالم فيه حكام يقدمون تقارير حول السلطة
الاستبدادية، والآن تحصل الولايات المتحدة على ما أرادته، تحصد ما زرعه جورج "بوش"،
ويتضح للأسف الشديد أن هذا يتضمن السلفيين والإخوان المسلمين، وعلى نطاق واسع.
سيحاكم التاريخ "حسني مبارك"،
وهناك شك أنه سيتشدد معه كما فعلت الثورة، عن طريق المحكمة المصرية، رسولها الحالي،
حقا لقد تجاهل مبارك المطالبات الغربية المتكررة قبل الثورة بإجراء إصلاحات وتعزيز
المجتمع المدني، وانتهجت أجهزة استخباراته بلا شك وحشية فظيعة في قمعها للثورة حينما
كانت في مهدها، لكن الواقع الإقليمي يؤكد أنه في المنطقة الواقعة ما بين البحر
المتوسط وبين كابول في أفغانستان هناك دول قليلة منفتحة نسبيا مثل مصر "مبارك".
كانت
مصر ومازالت دولة فقيرة وكبيرة، يتزايد سكانها بمعدل هائل، وقد نجح "مبارك"
في قيادتها لتصل إلى مركز قوة إقليمية مستقرة، وفي المقابل؛ أسس نظاما لم يستطع أو
لم يرض أن يديره بوحشية سورية دمشقية تجاه سكانه حينما ثاروا، هذا ربما يكون سبب سقوطه،
وأيضا يكون مبررا لمدح نظامه بشدة.
[1] - نسبة إلى "تشارلز لينتش" الذي حكم ولاية
ميسيسيبي الأمريكية في الفترة من1836 إلى 1838م، وأباح قتل الزنوج دون محاكمة.
No comments:
Post a Comment