Monday, June 11, 2012

وأد المرأة المصرية

http://www.noreed.com/InformationCenterDetails.aspx?InformationCenterDetails=587&&TopMenu1=4&&InformationCenterMain=4

حقوق المرأة







        يمكنني أن أستهل المقال بمقدمة تقليدية مستهلكة على شاكلة:
تلعب المرأة دوراً هاما ً في المجتمع، فهي نصف الحاضر وكل المستقبل، وللمرأة أهمية خاصة في المجتمع المصري، خاصة مع زيادة نسبتها الديموجرافية، وعلي صعيد العمل السياسي، كانت المرأة محاربة منذ نشأة التاريخ لإثبات ذاتها سياسيا، ويعتبر المجال السياسي أحد أهم المجالات التي حظيت بالاهتمام في تاريخ النضال النسائي من أجل إثبات الذات. المرأة نصف المجتمع، هي الأم والأخت والزوجة والابنة، ...إلخ

        هذا نموذج للكلام الممجوج الذي يُكتب ويُقال عن المرأة المصرية، ولكن الواقع يرسم صورة أكثر سوداوية وأكبر تهميشا للمرأة المصرية المكافحة المناضلة المُربية الثورية.

        حلمنا بالكثير لمصر بعد الثورة، ومن بين أحلامنا كان النهوض بالمرأة المصرية، والإيمان بقدراتها على مساعدة الرجل في استكمال المسيرة، ومؤازرتها في البحث عن حقوقها، التي تصب في صالح المجتمع، غير أننا ربما تمادينا في الحلم.

        فبعد أكثر من عام ونصف على قيام الثورة؛أصبحت المرأة المصرية كالغزال المُطارد في البرية، رغم كل الدلائل والإحصاءات التي تشير إلى كثافة تصويت النساء في الانتخابات البرلمانية، والتي تخطت نسبة تصويت الرجال؛ فلم تزد نسبة تمثيل المرأة في البرلمان عن 2% ، ولا أتوقع أن يكون تمثيلها في تأسيسية الدستور منصفا، وليس الذنب ذنب الأحزاب الدينية المتشددة وحدها، والتي تهمش دور المرأة، بل وتُحَقّره، بل تتحمل الأحزاب والتكتلات السياسية الأخرى نفس الذنب والمسئولية، فلم نجد امرأة على رأس أية قائمة انتخابية، بل تذيلت القوائم، ولولا أن قانون الانتخابات قد نص على وجود المرأة في القوائم لما وجدنا لها أثرا، فالحياة السياسية في مصر قائمة على إحساس ذكوري مُتعصب، يصور الرجل على أنه الأقدر والأكفأ والأكثر دراية بالممارسات السياسية.

        تخيل البعض بعد ثورة 25 يناير أننا سنكتفي من هذا الهراء المُسمى "المجلس القومي للمرأة" باعتبار أن حقوق المرأة لم تعد بحاجة لمجلس، وإنما أصبحت من البديهيات، غير أن الحال يبدو أسوأ مما كان عليه، فالمرأة يتم تعريتها وسحلها وكشف عذريتها وهتك عِرضها وهي تدافع عن الثورة والوطن، ثم يُقال لها "إيه إللي وداكي هناك"، تضحي بأبنائها لتصبح أما ثكلى، وأرملة، وأختا حزينة لمقتل أخيها، فيخرج القاتل بريئا مُعافى من كل إثم وذنب، تبحث عن حقوقها الزوجية، وكرامتها الإنسانية؛ فتجد الرد بتوجهات نحو تشريع الختان وإلغاء الخلع، تنادي بتجريم ومنع التحرش فيتم التحرش الجماعي بها.

        لأول مرة تقريبا منذ 1919 تشارك المرأة بشكل عملي وملموس في الكفاح السياسي من أجل الوطن، متظاهرة، ثائرة، مُعتصمة، طبيبة ميدانية، ممرضة، مُفكرة، أم متضرعة، زوجة مُشجعة، وفي المقابل تجد التهميش والتجاهل والاحتقار والتغييب والحط من الكرامة.

        هذه الجرائم التي تُرتكب في حق المرأة المصرية لا تعبر فقط عن انحياز الناخب للرجل، أو تخلف وجهالة قطاع من الشعب، بل تعبر في الأساس عن أزمة حقيقية في الفكر والتوجه لدى كثير من الأطراف السياسية والاجتماعية والفكرية التي تقود المجتمع، سواء المتشددة أو المعتدلة، الدينية أو المدنية، المسلمة أو المسيحية، فالكل مسئول عن هذا الوضع المهين للمرأة، المشين للثورة، المُحقر لوطن قام على أكتاف النساء قبل الرجال.

        ما يُرتَكب في حق المرأة المصرية الآن ، وما جرى بحقها سابقا؛ إنما يقطع أوصال الوطن، وينبئ بمستقبل قاتم، فما نهضت أمة اعتبرت المرأة عضوا ناقصا، أو عقلا بائسا، أو فرجا باعثا على الشهوة الحرام.

No comments:

Post a Comment