Friday, March 30, 2018

استمرار مخططات إسرائيل للسيطرة على غور الأردن



تقرير منشور على موقع شبكة رؤية الإخبارية، اضغط هنا للانتقال

"الأمن لا يُبنى على سنوات متباعدة، ولا لعشرات السنوات، بل يجب أن يكون لمائة عام مستقبلية" هذا ما قاله يوآف جالانط وزير البناء والإسكان الإسرائيلي في سياق حوار صحفي مؤخرا.
أُجري الحوار مع جالانط بينما يقف في أعلى نقطة من موقع قلعة سرطبة، حيث ظهر وكأنه يقوم بعملية مسح شاملة للضفة الغربية، حيث أضاف: "من هنا نرى القصة كلها: غور الأردن، الضفة الغربية يمثلان منطقة تأمين دولة إسرائيل من الخطر الإيراني الآخذ في الاقتراب والتمدد ليسيطر على الشرق الأوسط، ومن هنا تنحدر المنطقة إلى الأسفل، حيث تصبح مساحة حيوية بالنسبة لإسرائيل، ولذلك فعلينا أن نسيطر على هذه المنطقة بأكملها، ونتمسك بها تمسكا لا تفريط فيه، هذا أبلغ رد على التحديات الأمنية التي لا نعرف تحديدا كيف ستتبلور مستقبلا."
تأمين استراتيجي: -
ينظر جالانط إلى الضفة الغربية وغور الأردن باعتبارهما منطقتي تأمين استراتيجيتين يجب على إسرائيل أن تسيطر عليهما بالكامل، نظرا للتمدد الشيعي الإيراني الذي يواصل زحفه في مناطق الشرق الأوسط، فإيران – من وجهة نظره- تسعى لتكوين نطاق شيعي يبدأ من إيلات جنوبا إلى سوريا شمالا، بعدما سيطرت على العراق، وتضع يدها بالفعل على أجزاء من سوريا وغزة، كما ينوب عنها حزب الله في لبنان، وتهدف الآن للسيطرة الكاملة على سوريا لشق طريق مباشر من طهران إلى بيروت، من الخليج العربي إلى الشرق الأوسط.
ليس هذا فحسب ما تسعى إيران إليه، بل يرى جالانط أنها تحاول كذلك إسقاط الأردن، ربما هذا سيستغرق وقتا أطول، لكن الأمر يمكن أن يحدث في النهاية، فهناك في المملكة الهاشمية ما يقرب من مليونيْ لاجئ سوري يثير وجودهم غليانا كبيرا، وفي الوقت الذي تمثل فيه الأردن العالم الإسلامي السني في هذه المنطقة؛ فالشيعة ينظرون لها باعتبارها شريكة لإسرائيل والعالم الغربي، ومن ثم فيهدف هؤلاء لإسقاطها من أجل الهدف الأكبر لهم: تأسيس جبهة حدودية تبدأ من البحر المتوسط وحتى إيلات، وهذا المخطط الإيراني يجري الإعداد له ليصبح واقعا حقيقيا يشمل سوريا ولبنان والأردن، حيث تنشط المليشيات الشيعية في هذه المناطق من أجل هدف واحد: "القضاء على إسرائيل".
إضافة إلى أن جالانط يرى أن إيران تطور قدرة الصواريخ لتصل إلى 1300 كم في جميع الاتجاهات، وفي وقت ما ستصل هذه القذائف إلى إسرائيل، لذا فمن الضروري تدشين خطة دفاعية قوية تواجه هذا الخطر.
دوافع إيران: -
يرى جالانط أن ما يدفع إيران لهذا التمدد أمران، أولهما بسط سيطرة الشيعة على العالم العربي بالكامل، والأمر الثاني يتمثل في تأجيج حرب بين إسرائيل وبين الدول العربية السنية، لذا تقدم إيران على ضخ أموال بسخاء إلى كل من حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي إلى جانب فصائل أخرى في سوريا، من أجل أن تشعل حرب لا يصل إليها لهيبها، وفي الوقت ذاته تسيطر وريدا رويدا على الشرق الأوسط، فالأمر الوحيد الذي يجمع الشيعة والسنة الآن هو كراهية إسرائيل، وحين تنشغل الدول العربية السنية بصراع عسكري مع إسرائيل لن تعاني إيران وقتها من حرب مع السنة.
يتفق جالانط مع رئيس الوزراء نتنياهو على أن إيران تمثل خطرا كبيرا على إسرائيل، بيل يعتبرها جالانط أكبر تهديد لإسرائيل، كما تسعى إيران لمنح أفضلية عسكرية لـ"مندوبيها" في لبنان وسوريا، حتى إذا ما أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات عليها وأدى تفكيك الاتفاق النووي إلى احتكاك عسكري ضدها؛ فإن خطر حزب الله حينها على إسرائيل سيزيد، تماما مثلما حدث إبان حرب العراق، حيث أطلق صدام قذائف على إسرائيل بينما يواجه حربا مع الولايات المتحدة وحلفائها.
خبرة عسكرية: -
يتحدث وزير البناء والإسكان جالانط من واقع خبرة عسكرية كبيرة، فعلى مدى ثلاثين عاما خدم فيها بالجيش الإسرائيلي، بدءا من وحدة البحرية المعروفة بـ "شاييطت 13" عام 1977، وانتقل إلى القوات البرية، ورُقي إلى درجة قائد عام، وسكرتير عسكري لرئيس وزراء إسرائيل، حتى وصل إلى درجة رئيس القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، وكان قاب قوسين أو أدنى من منصب رئيس الأركان الإسرائيلي في عام 2010.
كذلك كان جالانط أحد قادة الجيش الإسرائيلي خلال الحرب على لبنان عام 2006، وأحد مهندسي الحرب على غزة خلال عملية الرصاص المصبوب.
غور الأردن = تأمين إسرائيل: -
يقرر جالانط بشكل قاطع أن تأمين إسرائيل يستلزم سيطرتها على غور الأردن بكامله، ومن أجل الدفاع عن السكان في محور أشدود- تل أبيب- الخضيرة يجب تدشين سلسلة من المستوطنات على الحدود الشرقية، بالضفة الغربية وغور الأردن.
في الوقت الحالي يجب التفكير في حلول على أسس ديموغرافية جديدة، ففي وقت سابق فكر إيهود باراك وغيره في حلول بديلة تساهم في الدفاع عن هذه المنطقة، وكانت في الغالب حلول تكنولوجية، لكن مثل هذه الحلول جيدة إذا لم يكن هناك خيار آخر، لكن هذا الخيار متاح الآن، فتركيز الاستيطان الإسرائيلي في هذه المنطقة بمثابة حل تاريخي يصلح للمدى البعيد، دون التقيد بنظرة قاصرة تجعل من الصعب مواجهة التكتل السكاني الفلسطيني وما يصاحبه من تهديد لأمن إسرائيل.
خطة مستقبلية لاستيعاب الإسرائيليين: -
يبني جالانط رؤيته إذا بناء على خبرته العسكرية ويستند إلى منصبه الحالي كوزير للاستيطان، فيرى ضرورة الربط بين أطراف هذه المنطقة التي تشمل ثلاث محاور جغرافية: المحور الأول يتمثل في طريق رقم 1 من تل أبيب والقدس إلى العاصمة عمان، والمحور الثاني متفرع من الضفة مرورا بمستوطنة تابوخ وصولا إلى الأردن، والمحور الثالث من حيفا إلى  بيسان، وكل محور من هذه المحاور يلتقي مع طريقين: الطريق السريع 90 والطريق السريع 80، وبناء على هذه الإحداثيات فإن بناء بؤر استيطانية جديدة على طول هذه المناطق من شأنه أن يجعلها أكثر اتحادا، مما يسمح بتأسيس مدن إسرائيلية جديدة.
يسعى جالانط لتنفيذ خطته الاستيطانية من منطلق نظرته للمستقبل، لأن إسرائيل – من وجهة نظره- دولة غير متوازنة جغرافيا، حيث فهي تتمدد على مساحة ضيقة عرضا لا تزيد عن بضع عشرات الكيلومترات، وتستطيل إلى الشمال والجنوب بطول 500 كم، ولابد من نظرة مستقبلية لكيفية استيعاب هذه المساحة الضيقة لعدد السكان بعد 100 عام من قيام إسرائيل، فمن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى نحو 12 مليون نسمة بحلول عام 2048، ويزيد التعداد إلى نحو 20 مليون عام 2060.
لذلك يصر يوآف جالانط على ضرورة أن تسيطر إسرائيل على منطقة غور الأردن بكاملها دون شراكة من أحد، ولا تقتصر رؤيته على هذه المنطقة وحدها، بل يفكر وزير البناء في خطة لتوسيع حدود القدس بالربط التام بينها وبين المستوطنات المحيطة بها مثل عطاروت وجوش عتسيون بأن تشمل مستوطنة عطاروت مع كامل منطقة جوش عتسيون وبيتار عيليت، وإفرات، وغيرها، وهي الخطة التي تبتلع المنطقة الواقعة في الخط الأخضر بين الخليل والقدس.
يهدف جالانط من خططه الاستيطانية التوسعية إلى الوصول إلى سيطرة إسرائيلية ديموغرافية وعسكرية كاملة تغير إحداثيات الوضع السياسي تماما، والنتيجة تغيير كامل في المساحة التي تحتلها إسرائيل من الأرض العربية، من بلدة المطلة شمالا حتى إيلات جنوبا عبر غور الأردن وبالتمدد الاستيطاني شرقا، فهذه الرؤية هي الحل الوحيد – وفقا لوزير الاستيطان- للدفاع عن أمن إسرائيل ومستقبلها.

No comments:

Post a Comment